منتــــــــــــدى العـــــــــــــلم و المعـــــــــــــرفة
اهلا و سهلا بزوارنا الكرام
منتــــــــــــدى العـــــــــــــلم و المعـــــــــــــرفة
اهلا و سهلا بزوارنا الكرام
منتــــــــــــدى العـــــــــــــلم و المعـــــــــــــرفة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتــــــــــــدى العـــــــــــــلم و المعـــــــــــــرفة

ما فائدة القلم إذا لم يفتح فكرا..أو يضمد جرحا..أو يرقا دمعة..أو يطهر قلبا..أو يكشف زيفا..أو يبني صرحا..يسعد الإنسان في ضلاله..
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 موسوعة فقه العبادات

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبد الحميد
المدير
عبد الحميد


عدد المساهمات : 487
نقاط : 1984
تاريخ التسجيل : 24/01/2012
العمر : 64

موسوعة فقه العبادات Empty
مُساهمةموضوع: موسوعة فقه العبادات   موسوعة فقه العبادات 36_1_710السبت فبراير 04, 2012 9:21 pm

فإذا أتمّهما نوى بقلبه وقال بلسانه : اللّهمّ إنّي أريد الحجّ فيسّره لي ، وتقبّله منّي . ثمّ يلبّي . وإذا كان يريد العمرة فيقول : اللّهمّ إنّي أريد العمرة ، فيسّرها لي ، وتقبّلها منّي . ثمّ يلبّي . وإذا كان قارناً فيستحبّ أن يقدّم ذكر العمرة على ذكر الحجّ حتّى لا يشتبه أنّه أدخل العمرة على الحجّ . ويقول : اللّهمّ إنّي أريد الحجّ والعمرة . . . إلخ ، ويلبّي . فيصير بذلك محرماً ، وتجري عليه . أحكام الإحرام الّتي تقدّم بيانها . وإذا كان يؤدّي الحجّ والعمرة عن غيره فلا بدّ أن يعيّن ذلك بقلبه ولسانه . ويسنّ له الإكثار من التّلبية . وأفضل صيغها الصّيغة المأثورة : « لبّيك اللّهمّ لبّيك ، لبّيك لا شريك لك لبّيك ، إنّ الحمد والنّعمة لك والملك ، لا شريك لك » . ويستحبّ ألاّ ينقص منها . قال الطّحاويّ والقرطبيّ : « أجمع العلماء على هذه التّلبية » . وأمّا الزّيادة على التّلبية ، فإن كانت من المأثور فمستحبّ . وما ليس مرويّاً فجائز أو حسن ، على تفصيل يذكر في موضع آخر ( ر : تلبية )
موجب الإحرام :
118 - إذا أحرم شخص بنسك وجب عليه إتمامه ولو كان نفلاً في الأصل . ويلزمه جميع ما يجب على المحرم فعله . ولا يتحلّل من إحرامه إلاّ بعد أداء هذا النّسك ، على التّفصيل المتقدّم . ويتّصل بهذا بيان أحكام ما يبطل الحجّ وما يفسده وما يمنع المضيّ فيه . 119 - أمّا ما يبطله فهو الرّدّة ، فإذا ارتدّ بطل نسكه ولا يمضي فيه . 120 - أمّا ما يفسد النّسك فهو الجماع ، وعليه أن يمضي في نسكه ثمّ القضاء من قابل إن كان حجّاً على ما يأتي بيانه . وإن كان عمرةً فعليه أن يمضي أيضاً فيها ثمّ يقضيها ولو في عامه على التّفصيل . 121 - أمّا ما يمنع الاستمرار في النّسك ، وهو الإحصار والفوات ، فإنّ أحكام ذلك ترد في موضع آخر ( ر : إحصار . فوات ) .
الفصل الثّامن
التّحلّل من الإحرام
المراد بالتّحلّل هنا الخروج من الإحرام وحلّ ما كان محظوراً عليه وهو محرم .
وهو قسمان : تحلّل أصغر ، وتحلّل أكبر .
التّحلّل الأصغر
122 - يكون التّحلّل الأصغر بفعل أمرين من ثلاثة : رمي جمرة العقبة ، والنّحر ، والحلق أو التّقصير . ويحلّ بهذا التّحلّل لبس الثّياب وكلّ شيء ما عدا النّساء بالإجماع ، والطّيب عند البعض ، والصّيد عند المالكيّة . والأصل في هذا الخلاف ما ورد عن السّيّدة « عائشة رضي الله عنها أنّها ضمّخت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بالمسك قبل أن يطوف طواف الإفاضة » . وقد جاء في بعض الأحاديث : أنّه « إذا رمى جمرة العقبة فقد حلّ له كلّ شيء إلاّ النّساء والطّيب » ، لما أخرجه مالك في الموطّأ عن عمر رضي الله عنه أنّه خطب النّاس بعرفة ، وعلّمهم أمر الحجّ ، وقال لهم فيما قال : إذا جئتم فمن رمى الجمرة فقد حلّ له ما حرّم على الحاجّ إلاّ النّساء والطّيب . وأمّا ما ذهب إليه مالك من تحريم الصّيد كذلك فإنّه أخذ بعموم قوله تعالى : { لا تقتلوا الصّيد وأنتم حرم } ووجه الاستدلال بالآية أنّ الحاجّ يعتبر محرماً ما لم يطف طواف الإفاضة .
التّحلّل الأكبر :
123 - هو التّحلّل الّذي تحلّ به جميع محظورات الإحرام دون استثناء . ويبدأ الوقت الّذي تصحّ أفعال التّحلّل الأكبر فيه عند الحنفيّة والمالكيّة من طلوع فجر يوم النّحر ، وعند الشّافعيّة والحنابلة من منتصف ليلة النّحر ، وذلك تابع لاختلافهم فيما يحصل به التّحلّل الأكبر . أمّا نهاية وقته فبحسب ما يتحلّل به ، فهو لا ينتهي إلاّ بفعل ما يتحلّل به عند الحنفيّة والمالكيّة ؛ لأنّه لا يفوت ، كما ستعلم ، وهو الطّواف . وأمّا عند الشّافعيّة والحنابلة فكذلك إن توقّف التّحلّل الأكبر على الطّواف أو الحلق ، أو السّعي . أمّا الرّمي فإنّه مؤقّت بغروب شمس آخر أيّام التّشريق ، فإذا توقّف عليه التّحلّل ، ولم يرم حتّى آخر أيّام التّشريق ، فات وقت الرّمي بالكلّيّة ، فيحلّ عند الحنابلة بمجرّد فوات الوقت ، وإن بقي عليه الفداء مقابل ذلك . وهذا قول عند الشّافعيّة ، لكن الأصحّ عندهم أنّه بفوات وقت الرّمي ينتقل التّحلّل إلى كفّارته ، فلا يحلّ حتّى يؤدّيها .
ما يحصل به التّحلّل الأكبر :
124 - يحصل التّحلّل الأكبر عند الحنفيّة والمالكيّة بطواف الإفاضة ، بشرط الحلق هنا باتّفاق الطّرفين . فلو أفاض ولم يحلق لم يتحلّل حتّى يحلق عند المذهبين . زاد المالكيّة : أن يكون الطّواف مسبوقاً بالسّعي ، وإلاّ لا يحلّ به حتّى يسعى ، لأنّ السّعي ركن عند المالكيّة . وقال الحنفيّة : لا مدخل للسّعي في التّحلّل ؛ لأنّه واجب مستقلّ . وعند الشّافعيّة والحنابلة يحصل التّحلّل الأكبر باستكمال أفعال التّحلّل الّتي ذكرناها : ثلاثة على القول بأنّ الحلق نسك ، واثنان على القول الآخر غير المشهور أنّه ليس بنسك . وحصول التّحلّل الأكبر باستكمال الأفعال الثّلاثة : رمي جمرة العقبة ، والحلق ، وطواف الإفاضة المسبوق بالسّعي ، محلّ اتّفاق العلماء ، وبه تحلّ جميع محظورات الإحرام بالإجماع . 125 - ثمّ إذا حصل التّحلّل الأكبر في اليوم الأوّل لجوازه مثلاً فلا يعني انتهاء كلّ أعمال الحجّ ، بل يجب عليه الإتيان بها ، وإن كان حلالاً ، وقد ضربوا لهذا مثلاً لطيفاً يبيّن حسن موقع هذه الأعمال بعد التّحلّلين ، نحو قول الرّمليّ : « ويجب عليه الإتيان بما بقي من أعمال الحجّ ، وهو الرّمي والمبيت ، مع أنّه غير محرم ، كما يخرج بالتّسليمة الأولى من صلاته ، ويطلب منه الثّانية . "
التّحلّل من إحرام العمرة :
126 - اتّفقوا على أنّ للعمرة تحلّلاً واحداً يحلّ به للمحرم جميع محظورات الإحرام . ويحصل هذا التّحلّل بالحلق أو التّقصير باتّفاق المذاهب على اختلافهم في حكمه في مناسك العمرة .
ما يرفع الإحرام
127 - يرفع الإحرام ، بتحويله عمّا نواه المحرم ، أمران :
1 - فسخ الإحرام .
2 - رفض الإحرام .
ذهب الحنابلة خلافاً للجمهور إلى أنّ من كان مفرداً أو قارناً ( إذا لم يكن قد ساق الهدي ) يستحبّ له إذا طاف وسعى أن يفسخ نيّته بالحجّ ، وينوي عمرةً مفردةً ، ثمّ يهلّ بالحجّ . وهذا مبنيّ عندهم على أفضليّة التّمتّع . واستدلّ الحنابلة بما روى ابن عمر « أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم لمّا قدم مكّة قال للنّاس : من كان منكم أهدى فإنّه لا يحلّ من شيء حرم منه حتّى يقضي حجّه ، ومن لم يكن منكم أهدى فليطف بالبيت وبالصّفا والمروة ، وليقصّر ، وليحلل ، ثمّ ليهلّ بالحجّ ، وليهد » . أخرجه البخاريّ ومسلم . واستدلّ الجمهور على منع فسخ الحجّ بأدلّة منها قوله تعالى : { وأتمّوا الحجّ والعمرة للّه } فقد أمر اللّه تعالى بإكمال أفعال الحجّ وأفعال العمرة لمن شرع في أيّ منهما ، والفسخ ضدّ الإتمام ، فلا يكون مشروعاً ، ومنها الأحاديث الّتي شرع بها الإفراد والقران ، وقد سبق ذكرها .
رفض الإحرام
128 - رفض الإحرام : هو ترك المضيّ في النّسك بزعم التّحلّل منه قبل إتمامه . ورفض الإحرام لغو باتّفاق العلماء ، ولا يبطل به الإحرام ، ولا يخرج به عن أحكامه .
ما يبطل الإحرام :
129 - يبطل الإحرام بأمر واحد فقط ، متّفق عليه بين الجميع : هو الرّدّة عن الإسلام ، عياذاً باللّه تعالى وذلك لأنّهم اتّفقوا على كون الإسلام شرطاً لصحّة النّسك . ويتفرّع على بطلان الإحرام أنّه لا يمضي في متابعة أعمال ما أحرم به ، خلافاً للفاسد . وأمّا إذا أسلم وتاب عن ردّته فلا يمضي أيضاً ؛ لبطلان إحرامه . الفصل التّاسع
أحكام خاصّة في الإحرام
130 - وهي أحكام مستثناة من عموم أحكام الإحرام العامّة ، بسبب وضع خاصّ لبعض الأشخاص ، أو بسبب طروء بعض الطّوارئ ، كما في السّرد التّالي : أ - إحرام المرأة .
ب - إحرام الصّبيّ .
ج - إحرام العبد والأمة .
د - إحرام المغمى عليه .
هـ - نسيان ما أحرم به . وقد تقدّم بعض ذلك ، وندرس ما بقي منها ، كلّاً منها وحده . إحرام الصّبيّ مشروعيّة حجّ الصّبيّ وصحّة إحرامه :
131 - اتّفق العلماء على صحّة حجّ الصّبيّ ، وعمرته ، وأنّ ما يؤدّيه من عبادة أو من حجّ أو من عمرة يكون تطوّعاً ، فإذا بلغ وجب عليه حجّة فرض الإسلام . وإذا كان أداء الصّبيّ للنّسك صحيحاً كان إحرامه صحيحاً قطعاً . صفة إحرام الصّبيّ :
132 - ينقسم الصّبيّ بالنّسبة إلى مرحلة صباه إلى قسمين : صبيّ مميّز ، وصبيّ غير مميّز . وضابط المميّز : هو الّذي يفهم الخطاب ويردّ الجواب ، دون اعتبار للسّنّ . 133 - أمّا الصّبيّ المميّز : فعند الحنفيّة والمالكيّة ينعقد إحرامه بنفسه ، ولا تصحّ النّيابة عنه في الإحرام ، لعدم جواز النّيابة عند عدم الضّرورة . ولا تتوقّف صحّة إحرامه على إذن الوليّ ، بل يصحّ إحرامه بإذن الوليّ ، وبغير إذن الوليّ ، لكن إذا أحرم بغير إذن الوليّ فقد صرّح المالكيّة أنّ للوليّ تحليله ، وله إجازة فعله وإبقاؤه على إحرامه بحسب ما يرى من المصلحة . فإن كان يرتجي بلوغه فالأولى تحليله ليحرم بالفرض بعد بلوغه . فإن أحرم بإذنه لم يكن له تحليله ، أمّا إذا أراد الوليّ الرّجوع عن الإذن قبل الإحرام فقال الحطّاب : « الظّاهر أنّ له الرّجوع ، لا سيّما إذا كان لمصلحته » . ولم يصرّح بذلك الحنفيّة . ولعلّه يدخل في الإحصار بمنع السّلطان عندهم . وذهب الشّافعيّة والحنابلة إلى أنّه لا ينعقد إحرامه إلاّ بإذن وليّه ، بل قال الشّافعيّة : يصحّ إحرام وليّه عنه ، على الأصحّ عندهم في المسألتين . أمّا عند الحنابلة فلا يحرم عنه وليّه لعدم الدّليل . ويفعل الصّبيّ الصّغير المميّز كلّ ما يستطيع أن يفعله بنفسه ، فإن قدر على الطّواف علّمه فطاف ، وإلاّ طيف به ، وكذلك السّعي وسائر المناسك . ولا تجوز النّيابة عنه فيما قدر عليه بنفسه ، وكلّ ما لا يقدر الصّبيّ على أدائه ينوب عنه وليّه في أدائه . 134 - وأمّا الصّبيّ غير المميّز - ومثله المجنون جنوناً مطبقاً - فيحرم عنه وليّه ، بأن يقول : نويت إدخال هذا الصّبيّ في حرمات الحجّ ، مثلاً . وليس المراد أنّ الوليّ يحرم في نفسه ويقصد النّيابة عن الصّبيّ . ولا ينعقد إحرام الصّبيّ غير المميّز بنفسه اتّفاقاً . 135 - ويؤدّي الوليّ بالصّبيّ غير المميّز المناسك ، فيجرّده من المخيط والمحيط إن كان ذكراً ، ويكشف وجه الأنثى وكفّيها كالكبيرة على ما سبق فيه ويطوف به ويسعى ، ويقف به بعرفة والمزدلفة ، ويرمي عنه ، ويجنّبه محظورات الإحرام ، وهكذا . لكن لا يصلّي عنه ركعتي الإحرام أو الطّواف ، بل تسقطان عنه عند الحنفيّة والمالكيّة ، أمّا عند الشّافعيّة فيصلّيهما الوليّ عنه ، وهو ظاهر كلام الحنابلة . إلاّ أنّ المالكيّة خفّفوا في الإحرام والتّجرّد من الثّياب ، فقالوا : « يحرم الوليّ بالصّغير غير المميّز ، ويجرّده من ثيابه قرب مكّة ، لخوف المشقّة وحصول الضّرر . فإن كانت المشقّة أو الضّرر يتحقّق بتجريده قرب مكّة أحرم بغير تجريده ، كما هو الظّاهر من كلامهم - ويفدي » .
بلوغ الصّبيّ في أثناء النّسك :
136 - إن بلغ الصّبيّ الحلم بعدما أحرم ، فمضى في نسكه على إحرامه الأوّل ، لم يجزه حجّه عن فرض الإسلام عند الحنفيّة والمالكيّة . وقال الحنفيّة : لو جدّد الصّبيّ الإحرام قبل الوقوف بعرفة ، ونوى حجّة الإسلام ، جاز عن حجّة الإسلام ؛ لأنّ إحرام الصّبيّ غير لازم لعدم أهليّته للّزوم عليه . وقال المالكيّة لا يرتفض إحرامه السّابق ، ولا يجزيه إرداف إحرام عليه ، ولا ينقلب إحرامه عن الفرض ، لأنّه اختلّ شرط الوقوع فرضاً ، وهو ثبوت الحرّيّة والتّكليف ، وقت الإحرام . وهذا لم يكن مكلّفاً وقت الإحرام ، فلا يقع نسكه هذا إلاّ نفلاً . أمّا الشّافعيّة والحنابلة فقالوا : إن بلغ الصّبيّ في أثناء الحجّ ينظر إلى حاله من الوقوف فينقسم إلى قسمين : الأوّل : أن يبلغ بعد خروج وقت الوقوف ، أو قبل خروجه وبعد مفارقة عرفات لكن لم يعد إليها بعد البلوغ ، فهذا لا يجزيه حجّه عن حجّة الإسلام . الثّاني : أن يبلغ في حال الوقوف ، أو يبلغ بعد وقوفه بعرفة ، فيعود ويقف بها في وقت الوقوف ، أي قبل طلوع فجر يوم النّحر ، فهذا يجزيه حجّه عن حجّة الإسلام . لكن يجب عليه إعادة السّعي إن كان سعى عقب طواف القدوم قبل البلوغ ، ولا دم عليه . أمّا في العمرة : فالطّواف في العمرة كالوقوف بعرفة في الحجّ ، إذا بلغ قبل طواف العمرة أجزأه عن عمرة الإسلام ، عند من يقول بوجوبها .
إحرام المغمى عليه
137 - للمغمى عليه حالان : أن يغمى عليه قبل الإحرام ، أو يغمى عليه بعد الإحرام .
أوّلاً : من أغمي عليه قبل الإحرام :
138 - في المذاهب الثّلاثة المالكيّ والشّافعيّ والحنبليّ : لا إحرام له ، ولا يحرم عنه أحد من رفقته ولا غيرهم ، سواء أمرهم بذلك قبل أن يغمى عليه أو لم يأمرهم ، ولو خيف فوات الحجّ عليه ؛ لأنّ الإغماء مظنّة عدم الطّول ، ويرجى زواله عن قرب غالباً . وذهب الحنفيّة إلى جواز الإحرام عن المغمى عليه ، على تفصيل بين الإمام وصاحبيه :
أ - من توجّه إلى البيت الحرام يريد الحجّ فأغمي عليه قبل الإحرام ، أو نام وهو مريض فنوى عنه ولبّى أحد رفقته ، وكذا من غير رفقته وكان قد أمرهم بالإحرام عنه قبل الإغماء ، صحّ الإحرام عنه ، ويصير المغمى عليه محرماً بنيّة رفيقه وتلبيته عنه اتّفاقاً بين أئمّة الحنفيّة . ويجزيه عن حجّة الإسلام .
ب - إن أحرم عنه بعض رفقته أو غيرهم بلا أمر سابق على الإغماء صحّ كذلك عند الإمام أبي حنيفة ، ولم يصحّ عند صاحبيه أبي يوسف ومحمّد .
فروع
139 - أ - إن أفاق المغمى عليه بعدما أحرم عنه غيره ، فهو عند الحنفيّة محرم يتابع النّسك . وعند غيرهم لا عبرة بإحرام غيره عنه ، فإن كان بحيث يدرك الوقوف بعرفة أحرم بالحجّ ، وأدّى المناسك ، وإلاّ فإنّه يحرم بعمرة . ولا ينطبق عليه حكم الفوات عند الثّلاثة ؛ لأنّه لم يكن محرماً .
140 - ب - لا يجب على من أحرم عن المغمى عليه تجريده من المخيط وإلباسه غير المخيط لصحّة الإحرام ؛ لأنّ ذلك ليس هو الإحرام ، بل كفّ عن بعض محظورات الإحرام . حتّى إذا أفاق وجب عليه أفعال النّسك ، والكفّ عن المحظورات .
141 - ج - لو ارتكب المغمى عليه الّذي أحرم عنه غيره محظوراً من محرّمات الإحرام لزمه موجبه ، أي كفّارته ، وإن كان غير قاصد للمحظور . ولا يلزم الرّفيق الّذي أحرم عنه ؛ لأنّ هذا الرّفيق أحرم عن نفسه بطريق الأصالة ، وعن المغمى عليه بطريق النّيابة ، كالوليّ يحرم عن الصّغير . فينتقل إحرامه إليه ، فيصير محرماً كما لو نوى هو ولبّى ، ولذا لو ارتكب هو أيضاً - أي الوليّ - محظوراً لزمه جزاء واحد لإحرام نفسه ، ولا شيء عليه من جهة إهلاله عن غيره عند الحنفيّة كما سبق .
142 - د - إذا لم يفق المغمى عليه فهل يشهد به رفقته المشاهد ، على أساس الإحرام عنه الّذي قال به الحنفيّة ؟ هناك قولان عند الحنفيّة : قيل : لا يجب على الرّفقاء أن يشهدوا به المشاهد ، كالطّواف والوقوف والرّمي والوقوف بمزدلفة ، بل مباشرتهم عنه تجزيه ، لكن إحضاره أولى ، على ما صرّح به بعض أصحاب هذا القول . وهذا الأصحّ على ما أفاد في ردّ المحتار المعتمد في الفتوى في مذهب الحنفيّة ، لكن لا بدّ للإجزاء عنه من نيّة الوقوف عنه ، والطّواف عنه بعد طواف النّائب عن نفسه ، وهكذا .
ثانياً : من أغمي عليه بعد إحرامه بنفسه :
143 - الإغماء بعد الإحرام لا يؤثّر في صحّته ، باتّفاق الأئمّة . وعلى ذلك فهذا حمله متعيّن على رفقائه ، ولا سيّما للوقوف بعرفة ، فإنّه يصحّ ولو كان نائماً أو مغمًى عليه ، على تفصيل في أداء المناسك له يطلب في موضعه من مصطلح « حجّ " ومصطلح « عمرة » .
نسيان ما أحرم به
144 - من أحرم بشيء معيّن ، مثل حجّ ، أو عمرة ، أو قران ، ثمّ نسي ما أحرم به ، لزمه حجّ وعمرة . ويعمل عمل القران في المذاهب الثّلاثة : الحنفيّ والمالكيّ والشّافعيّ . وذهب الحنابلة إلى أنّه يصرف إحرامه إلى أيّ نسك شاء ، ويندب صرفه إلى العمرة خاصّةً .
الفصل العاشر
في كفّارات محظورات الإحرام
تعريفها :
145 - المراد بالكفّارة هنا : الجزاء الّذي يجب على من ارتكب شيئاً من محظورات الإحرام . وهذه الأجزية أنواع :
1 - الفدية : حيث أطلقت فالمراد الفدية المخيّرة الّتي نصّ عليها القرآن في قوله تعالى : { ففدية من صيام أو صدقة أو نسك } .
2 - الهدي : وربّما عبّر عنه بالدّم . وكلّ موضع أطلق فيه الدّم أو الهدي تجزئ فيه الشّاة ، إلاّ من جامع بعد الوقوف بعرفة فعليه بدنة ( أي من الإبل ) اتّفاقاً . أمّا من جامع قبل الوقوف فإنّه يفسد حجّه اتّفاقاً وعليه بدنة عند الثّلاثة ، وقال الحنفيّة : عليه شاة ، ويمضي في حجّه ، ويقضيه .
3 - الصّدقة : حيث أطلق وجوب " صدقة " عند الحنفيّة من غير بيان مقدارها فإنّه يجب نصف صاع من برّ ( قمح ) أو صاع من شعير أو تمر .
4 - الصّيام : يجب الصّيام على التّخيير في الفدية ، وهو ثلاثة أيّام . ويجب في مقابلة الإطعام .
5 - الضّمان بالمثل : في جزاء الصّيد ، على ما سيأتي .
146 - يستوي إحرام العمرة مع إحرام الحجّ في عقوبة الجناية عليه . إلاّ من جامع في العمرة قبل أداء ركنها ، فتفسد اتّفاقاً كما ذكرنا ، وعليه شاة عند الحنفيّة والحنابلة ، وقال الشّافعيّة والمالكيّة : عليه بدنة . المبحث الأوّل في كفّارة محظورات التّرفّه .
147 - يتناول هذا البحث كفّارة محظورات اللّبس ، وتغطية الرّأس ، والادّهان ، والتّطيّب ، وحلق الشّعر أو إزالته أو قطعة من الرّأس أو غيره ، وقلم الظّفر . أصل كفّارة محظورات التّرفّه .
148 - اتّفقوا على أنّ من فعل من المحظورات شيئاً لعذر مرض أو دفع أذًى فإنّ عليه الفدية ، يتخيّر فيها : إمّا أن يذبح هدياً ، أو يتصدّق بإطعام ستّة مساكين ، أو يصوم ثلاثة أيّام ، لقوله تعالى : { ولا تحلقوا رءوسكم حتّى يبلغ الهدي محلّه فمن كان منكم مريضاً أو به أذًى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك } . ولما ورد عن كعب بن عجرة رضي الله عنه أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال له حين رأى هوامّ رأسه : « أيؤذيك هوامّ رأسك ؟ قال : قلت : نعم . قال : فاحلق ، وصم ثلاثة أيّام ، أو أطعم ستّة مساكين ، أو انسك نسيكةً » متّفق عليه . 149 - وأمّا العامد الّذي لا عذر له فقد اختلفوا فيه : فذهب المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة إلى أنّه يتخيّر ، كالمعذور ، وعليه إثم ما فعله . واستدلّوا بالآية . وذهب الحنفيّة إلى أنّ العامد لا يتخيّر ، بل يجب عليه الدّم عيناً أو الصّدقة عيناً ، حسب جنايته . واستدلّوا على ذلك بالأدلّة السّابقة . وجه الاستدلال : أنّ التّخيير شرع فيها عند العذر من مرض أو أذًى ، وغير المعذور جنايته أغلظ ، فتتغلّظ عقوبته ، وذلك بنفي التّخيير في حقّه . 150 - وأمّا المعذور بغير الأذى والمرض : كالنّاسي والجاهل بالحكم والمكره والنّائم والمغمى عليه ، فحكمه عند الحنفيّة المالكيّة حكم العامد ، على ما سبق . ووجه حكمه هذا : أنّ الارتفاق حصل له ، وعدم الاختيار أسقط الإثم عنه ، كما وجّهه الحنفيّة . وذهب الشّافعيّة والحنابلة إلى التّمييز بين جناية فيها إتلاف ، وهي هنا الحلق أو قصّ الشّعر أو قلم الظّفر ، وجناية ليس فيها إتلاف ، وهي : اللّبس وتغطية الرّأس ، والادّهان والتّطيّب . فأوجبوا الفدية في الإتلاف ؛ لأنّه يستوي عمده وسهوه ، ولم يوجبوا فديةً في غير الإتلاف ، بل أسقطوا الكفّارة عن صاحب أيّ عذر من هذه الأعذار .
تفصيل كفّارة محظورات التّرفّه
151 - الأصل في هذا التّفصيل هو القياس على الأصل السّابق المنصوص عليه في الكتاب والسّنّة بخصوص الحلق ، فقاس الفقهاء عليه سائر مسائل الفصل بجامع اشتراك الجميع في العلّة وهي التّرفّه ، أو الارتفاق . وقد اختلفوا في بعض التّفاصيل ، في القدر الّذي يوجب الفدية من المحظور ، وفي تفاوت الجزاء بتفاوت الجناية ، وذلك بسبب اختلاف أنظارهم في المقدار الّذي يحصل به التّرفّه والارتفاق الّذي هو علّة وجوب الفدية ، فالحنفيّة اشترطوا كمال الجناية ، فلم يوجبوا الدّم أو الفداء إلاّ لمقادير تحقّق ذلك في نظرهم ، وغيرهم مال إلى اعتبار الفعل نفسه جنايةً . وتفصيل المذاهب في كلّ محظور من محظورات التّرفّه فيما يلي :
أوّلاً : اللّباس :
152 - من لبس شيئاً من محظور اللّبس ، أو ارتكب تغطية الرّأس ، أو غير ذلك ، فقال فقهاء الحنفيّة : إن استدام ذلك نهاراً كاملاً أو ليلةً وجب عليه الدّم . وكذا إذا غطّت المرأة وجهها بساتر يلامس بشرتها على ما سبق من التّفصيل فيه ( ف 67 ) وإن كان أقلّ من يوم أو أقلّ من ليلة فعليه صدقة عند الحنفيّة . وفي أقلّ من ساعة عرفيّة قبضة من برّ ، وهي مقدار ما يحمل الكفّ . ومذهب الشّافعيّ وأحمد أنّه يجب الفداء بمجرّد اللّبس ، ولو لم يستمرّ زمناً ؛ لأنّ الارتفاق يحصل بالاشتمال على الثّوب ، ويحصل محظور الإحرام ، فلا يتقيّد وجوب الفدية بالزّمن . وعند المالكيّة يشترط لوجوب الفدية من لبس الثّوب أو الخفّ أو غيرهما من محظورات اللّبس أن ينتفع به من حرّ أو برد ، فإن لم ينتفع به من حرّ أو برد بأن لبس قميصاً رقيقاً لا يقي حرّاً ولا برداً يجب الفداء إن امتدّ لبسه مدّةً كاليوم .
ثانياً : التّطيّب :
153 - يجب الفداء عند الثّلاثة المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة لأيّ تطيّب ممّا سبق بيان حظره ، دون تقييد بأن يطيّب عضواً كاملاً ، أو مقداراً من الثّوب معيّناً . وفرّق الحنفيّة بين تطيّب وتطيّب ، وفصّلوا : أمّا في البدن فقالوا : تجب شاة إن طيّب المحرم عضواً كاملاً مثل الرّأس واليد والسّاق ، أو ما يبلغ عضواً كاملاً . والبدن كلّه كعضو واحد إن اتّحد مجلس التّطيّب ، وإن تفرّق المجلس فلكلّ طيب كفّارة ، وتجب إزالة الطّيب ، فلو ذبح ولم يزله لزمه دم آخر . ووجه وجوب الشّاة : أنّ الجناية تتكامل بتكامل الارتفاق ، وذلك في العضو الكامل ، فيترتّب كمال الموجب . وإن طيّب أقلّ من عضو فعليه الصّدقة لقصور الجناية ، إلاّ أن يكون الطّيب كثيراً فعليه دم . ولم يشرط الحنفيّة استمرار الطّيب لوجوب الجزاء ، بل يجب بمجرّد التّطيّب . وأمّا تطييب الثّوب : فيجب فيه الدّم عند الحنفيّة بشرطين : أوّلهما : أن يكون كثيراً ، وهو ما يصلح أن يغطّي مساحةً تزيد على شبر في شبر . والثّاني : أن يستمرّ نهاراً ، أو ليلةً . فإن اختلّ أحد الشّرطين وجبت الصّدقة ، وإن اختلّ الشّرطان معاً وجب التّصدّق بقبضة من قمح .
154 - لو طيّب محرم محرماً أو حلالاً فلا شيء على الفاعل ما لم يمسّ الطّيب ، عند الحنفيّة . وعلى الطّرف الآخر الدّم إن كان محرماً وإن كان مكرهاً . وعند الثّلاثة التّفصيل الآتي في مسألة الحلق ( ف 157 ) لكن عليه في حال لا تلزمه فيه الفدية ألاّ يستديمه ، بل يبادر بإزالته . فإن تراخى لزمه الفداء .
ثالثاً : الحلق أو التّقصير :
155 - مذهب الحنفيّة أنّ من حلق ربع رأسه أو ربع لحيته يجب عليه دم ؛ لأنّ الرّبع يقوم مقام الكلّ ، فيجب فيه الفداء الّذي دلّت عليه الآية الكريمة . ولو حلق رأسه ولحيته وإبطيه وكلّ بدنه في مجلس واحد فعليه دم واحد ، وإن اختلفت المجالس فلكلّ مجلس موجبه . وإن حلق خصلةً من شعره أقلّ من الرّبع يجب عليه الصّدقة ، أمّا إن سقط من رأسه أو لحيته عند الوضوء أو الحكّ ثلاث شعرات فعليه بكلّ شعرة صدقة ( كفّ من طعام ) . وإن حلق رقبته كلّها ، أو إبطيه ، أو أحدهما ، يجب الدّم . أمّا إن حلق بعض واحد منهما ، وإن كثر . فتجب الصّدقة ؛ لأنّ حلق جزء عضو من هذه الأشياء ليس ارتفاقاً كاملاً ، لعدم جريان العادة بحلق البعض فيها ، فلا يجب إلاّ الصّدقة . وقرّر الحنفيّة أنّ في حلق الشّارب حكومة عدل ، بأن ينظر إلى هذا المأخوذ كم يكون من ربع اللّحية ، فيجب عليه بحسابه من الطّعام . وذهب المالكيّة إلى أنّه إن أخذ عشر شعرات فأقلّ ، ولم يقصد إزالة الأذى ، يجب عليه أن يتصدّق بحفنة قمح ، وإن أزالها بقصد إماطة الأذى تجب الفدية ، ولو كانت شعرةً واحدةً . وتجب الفدية أيضاً إذا أزال أكثر من عشر شعرات لأيّ سبب كان . وشعر البدن كلّه سواء . وذهب الشّافعيّ وأحمد إلى أنّه تجب الفدية لو حلق ثلاث شعرات فأكثر ، كما تجب لو حلق جميع الرّأس ، بل جميع البدن ، بشرط اتّحاد المجلس ، أي الزّمان والمكان . ولو حلق شعرةً أو شعرتين ففي شعرة مدّ ، وفي شعرتين مدّان من القمح ، وسواء في ذلك كلّه شعر الرّأس وشعر البدن .
156 - أمّا إذا سقط شعر المحرم بنفسه من غير صنع آدميّ فلا فدية باتّفاق المذاهب .
157 - إذا حلق محرم رأس غيره ، أو حلق غيره رأسه - ومحلّ المسألة إذا كان الحلق لغير التّحلّل - فعلى المحرم المحلوق الدّم عند الحنفيّة ، ولو كان كارهاً . وأمّا غيرهم فعندهم تفصيل في حقّ الحالق والمحلوق . ولهذه المسألة ثلاث صور تقتضيها القسمة العقليّة نبيّن حكمها فيما يلي : الصّورة الأولى : أن يكونا محرمين ، فعلى المحرم الحالق صدقة عند الحنفيّة ، سواء حلق بأمر المحلوق أو بغير أمره طائعاً أو مكرهاً ، ما لم يكن حلقه في أوان الحلق . فإن كان فيه ، فلا شيء عليه . وقال المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة : إن حلق له بغير رضاه فالفدية على الحالق ، وإن كان برضاه فعلى المحلوق فدية ، وعلى الحالق فدية ، وقيل حفنة . الصّورة الثّانية : أن يكون الحالق محرماً والمحلوق حلالاً ، فكذلك على الحالق المحرم صدقة عند الحنفيّة . وقال المالكيّة : يفتدي الحالق . وعندهم في تفسيره قولان : قول أنّه يطعم قدر حفنة ، أي ملء يد واحدة من طعام ، وقول أنّ عليه الفدية . وقال الشّافعيّة والحنابلة : لا فدية على الحالق ، ولو حلق له المحرم بغير إذنه ، إذ لا حرمة لشعره في حقّ الإحرام . الصّورة الثّالثة : أن يكون الحالق حلالاً والمحلوق محرماً ، فعلى الحالق صدقة عند الحنفيّة . وقال المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة : إن كان بإذن المحرم أو عدم ممانعته فعلى المحرم الفدية . وإن كان الحلق بغير إذن المحرم فعلى الحلال الفدية .
رابعاً : تقليم الأظفار :
158 - قال الحنفيّة : إذا قصّ أظفار يديه ورجليه جميعها في مجلس واحد تجب عليه شاة . وكذا إذا قصّ أظفار يد واحدة ، أو رجل واحدة ، تجب شاة . وإن قصّ أقلّ من خمسة أظفار من يد واحدة ، أو خمسةً متفرّقةً من أظفاره ، تجب عليه صدقة لكلّ ظفر . ومذهب المالكيّة أنّه إن قلم ظفراً واحداً عبثاً أو ترفّهاً ، لا لإماطة أذًى ، ولا لكسره ، يجب عليه صدقة : حفنة من طعام . فإن فعل ذلك لإماطة الأذى أو الوسخ ففيه فدية . وإن قلّمه لكسره فلا شيء عليه إذا تأذّى منه . ويقتصر على ما كسر منه . وإن قلّم ظفرين في مجلس واحد ففدية ، ولو لم يقصد إماطة الأذى ، وإن قطع واحداً بعد آخر فإن كانا في فور ففدية ، وإلاّ ففي كلّ ظفر حفنة . وعند الشّافعيّة والحنابلة : يجب الفداء في تقليم ثلاثة أظفار فصاعداً في مجلس واحد ، ويجب في الظّفر والظّفرين ما يجب في الشّعرتين .
خامساً : قتل القمل :
159 - وهو ملحق بهذا المبحث ؛ لأنّ فيه إزالة الأذى ، لذا يختصّ البحث بما على بدن المحرم أو ثيابه . فقد ذهب الشّافعيّة إلى ندب قتل المحرم لقمل بدنه وثيابه لأنّه من الحيوانات المؤذية ، وقد صحّ أمر رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بقتل الفواسق الخمس في الحلّ والحرم ، وألحقوا بها كلّ حيوان مؤذ . أمّا قمل شعر الرّأس واللّحية خاصّةً فيكره تنزيهاً تعرّضه له لئلاّ ينتتف الشّعر . ومقتضى تعليلهم الكراهة بالخوف من انتتاف الشّعر زوال هذه الكراهة فيما لو قتله بوسيلة لا يخشى معها الانتتاف كما إذا رشّه بدواء مطهّر مثلاً . وعلى أيّة حال فإذا قتل قمل شعر رأسه ولحيته لم يلزمه شيء لكن يستحبّ له أن يفدي الواحدة منه ولو بلقمة . وفي رواية عن أحمد إباحة قتل القمل مطلقاً دون تفريق بين قمل الرّأس وغيره لأنّه من أكثر الهوامّ أذًى فأبيح قتله كالبراغيث ، وسائر ما يؤذي . وقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « خمس فواسق يقتلن في الحلّ والحرم » يدلّ بمعناه على إباحة قتل كلّ ما يؤذي بني آدم في أنفسهم وأموالهم . وفي رواية أخرى عنه حرمة قتله ، إلاّ أنّه لا جزاء فيه إذ لا قيمة له وليس بصيد . وذهب الحنفيّة والمالكيّة إلى وجوب الصّدقة ولا ريب أنّه إذا آذاه بالفعل ، ولم يمكنه التّخلّص منه إلاّ بقتله ، جاز له قتله طبقاً لقاعدة : « الضّرر يزال » ، وقاعدة : « الضّرورات تبيح المحظورات » .
المبحث الثّاني
في قتل الصّيد وما يتعلّق به
160 - أجمع العلماء على وجوب الجزاء في قتل الصّيد ، استدلالاً بقوله تعالى : { يا أيّها الّذين آمنوا لا تقتلوا الصّيد وأنتم حرم ومن قتله منكم متعمّداً فجزاء مثل ما قتل من النّعم يحكم به ذوا عدل منكم هدياً بالغ الكعبة أو كفّارة طعام مساكين ، أو عدل ذلك صياماً ليذوق وبال أمره عفا اللّه عمّا سلف ومن عاد فينتقم اللّه منه واللّه عزيز ذو انتقام } .
أوّلاً : قتل الصّيد :
161 - وجوب الجزاء في قتل الصّيد عمداً متّفق عليه عملاً بنصّ الآية الكريمة السّابقة . 162 - إنّ غير العمد في هذا الباب كالعمد ، يجب فيه الجزاء باتّفاق المذاهب الأربعة ؛ لأنّ العقوبة هنا شرعت ضماناً للمتلف ، وذلك يستوي فيه العمد والخطأ والجهل والسّهو والنّسيان .
163 - إنّ هذا الجزاء هو كما نصّت الآية : { مثل ما قتل من النّعم } . ويخيّر فيه بين الخصال الثّلاث . لكن اختلفوا بعد هذا في تفسير هذين الأمرين : ذهب الحنفيّة : إلى أنّه تقدّر قيمة الصّيد بتقويم رجلين عدلين ، سواء أكان للصّيد المقتول نظير من النّعم أم لم يكن له نظير . وتعتبر القيمة في موضع قتله ، ثمّ يخيّر الجاني بين ثلاثة أمور : الأوّل - أن يشتري هدياً ويذبحه في الحرم إن بلغت القيمة هدياً . ويزاد على الهدي في مأكول اللّحم إلى اثنين أو أكثر إن زادت قيمته ، لكنّه لا يتجاوز هدياً واحداً في غير مأكول اللّحم ، حتّى لو قتل فيلاً لا يجب عليه أكثر من شاة . الثّاني - أن يشتري بالقيمة طعاماً ويتصدّق به على المساكين ، لكلّ مسكين نصف صاع من برّ ، أو صاع من شعير أو تمر كما في صدقة الفطر . ولا يجوز أن يعطي المسكين أقلّ ممّا ذكر ، إلاّ إن فضل من الطّعام أقلّ منه ، فيجوز أن يتصدّق به . ولا يختصّ التّصدّق بمساكين الحرم . الثّالث - أن يصوم عن طعام كلّ مسكين يوماً ، وعن أقلّ من نصف صاع - إذا فضل - يوماً أيضاً . وذهب الأئمّة الثّلاثة المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة إلى التّفصيل فقالوا : الصّيد ضربان : مثليّ : وهو ما له مثل من النّعم ، أي مشابه في الخلقة من النّعم ، وهي الإبل والبقر والغنم . وغير مثليّ ، وهو ما لا يشبه شيئاً من النّعم . أمّا المثليّ : فجزاؤه على التّخيير والتّعديل ، أي أنّ القاتل يخيّر بين ثلاثة أشياء على الوجه التّالي : الأوّل - أن يذبح المثل المشابه من النّعم في الحرم ، ويتصدّق به على مساكين الحرم . الثّاني - أن يقوّم المثل دراهم ثمّ يشتري بها طعاماً ، ويتصدّق به على مساكين الحرم . ولا يجوز تفرقة الدّراهم عليهم . وقال مالك بل يقوّم الصّيد نفسه ويشتري به طعاماً يتصدّق به على مساكين موضع الصّيد ، فإن لم يكن فيه مساكين فعلى مساكين أقرب المواضع فيه . الثّالث - إن شاء صام عن كلّ مدّ يوماً . وفي أقلّ من مدّ يجب صيام يوم . ويجوز الصّيام في الحرم وفي جميع البلاد . وأمّا غير المثليّ : فيجب فيه قيمته ويتخيّر فيها بين أمرين : الأوّل - أن يشتري بها طعاماً يتصدّق به على مساكين الحرم ، وعند مالك : على المساكين في موضع الصّيد . الثّاني - أن يصوم عن كلّ مدّ يوماً كما ذكر سابقاً . ثمّ قالوا في بيان المثليّ : المعتبر فيه التّشابه في الصّورة والخلقة . وكلّ ما ورد فيه نقل عن السّلف فيتبع ؛ لقوله تعالى : { يحكم به ذوا عدل منكم } ، وما لا نقل فيه يحكم بمثله عدلان فطنان بهذا الأمر ، عملاً بالآية . ويختلف الحكم فيه بين الدّوابّ والطّيور : أمّا الدّوابّ ففي النّعامة بدنة ، وفي بقر الوحش وحمار الوحش بقرة إنسيّة ، وفي الغزال عنز ، وفي الأرنب عناق ، وفي اليربوع جفرة . وعند مالك في الأرنب واليربوع والضّبّ القيمة . وأمّا الطّيور : ففي أنواع الحمام شاة . والمراد بالحمام كلّ ما عبّ في الماء ، وهو أن يشربه جرعاً ، فيدخل فيه اليمام اللّواتي يألفن البيوت ، والقمريّ ، والقطا . والعرب تسمّي كلّ مطوّق حماماً . وإن كان الطّائر أصغر من الحمام جثّةً ففيه القيمة . وإن كان أكبر من الحمام ، كالبطّة والإوزّة ، فالأصحّ أنّه يجب فيه القيمة ، إذ لا مثل له . وقال مالك : تجب شاة في حمام مكّة والحرم ويمامهما ، وفي حمام ويمام غيرهما تجب القيمة ، وكذا في سائر الطّيور . 164 - وعند الشّافعيّة والحنابلة : الواجب في الكبير والصّغير والسّمين والهزيل والمريض من الصّيد المثليّ مثله من النّعم ؛ لقوله تعالى : { فجزاء مثل ما قتل } وهذا مثليّ فيجزئ . وقال مالك : يجب فيه كبير ؛ لقوله تعالى : { هدياً بالغ الكعبة } ؟ والصّغير لا يكون هدياً ، وإنّما يجزئ في الهدي ما يجزئ في الأضحيّة .
ثانياً : إصابة الصّيد
165 - إذا أصاب الصّيد بضرر ، ولم يقتله ، يجب عليه الجزاء بحسب تلك الإصابة عند الثّلاثة : الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة . فإن جرح المحرم صيداً ، أو نتف شعره . ضمن قيمة ما نقص منه ، اعتباراً للجزء بالكلّ ، فكما تجب القيمة بالكلّ تجب بالجزء . وهذا الجزاء يجب إذا برئ الحيوان وظهر أثر الجناية عليه ، أمّا إذا لم يبق لها أثر فلا يضمن عند الحنفيّة ، لزوال الموجب . وعند الشّافعيّة والحنابلة إن جرح صيداً يجب عليه قدر النّقص من مثله من النّعم إن كان مثليّاً ، وإلاّ بقدر ما نقص من قيمته ، وإذا أحدث به عاهةً مستديمةً فوجهان عندهم ، أصحّهما يلزمه جزاء كامل . أمّا إذا أصابه إصابةً أزالت امتناعه عمّن يريد أخذه وجب الجزاء كاملاً عند الحنفيّة والحنابلة ، وهو أحد القولين عند الشّافعيّة ؛ لأنّه فوّت عليه الأمن بهذا . وفي قول عند الشّافعيّة : يضمن النّقص فقط . أمّا المالكيّة فعندهم لا يضمن ما غلب على ظنّه سلامته من الصّيد بإصابته بنقص ، ولا جزاء عليه ، ولا يلزمه فرق ما بين قيمته سليماً وقيمته بعد إصابته .
ثالثاً : حلب الصّيد أو كسر بيضه أو جزّ صوفه :
166 - يجب فيه قيمة كلّ من اللّبن والبيض والصّوف عند الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة ويضمن أيضاً قيمة ما يلحق الصّيد نفسه من نقص بسبب من ذلك . ونصّ المالكيّة على
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://mazika28.ahlamontada.com
 
موسوعة فقه العبادات
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» موسوعة فقه العبادات
» موسوعة فقه العبادات
» موسوعة فقه العبادات
» موسوعة فقه العبادات
» موسوعة فقه العبادات

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتــــــــــــدى العـــــــــــــلم و المعـــــــــــــرفة  :: منتدى المكتبة الاسلامية-
انتقل الى: