منتــــــــــــدى العـــــــــــــلم و المعـــــــــــــرفة
اهلا و سهلا بزوارنا الكرام
منتــــــــــــدى العـــــــــــــلم و المعـــــــــــــرفة
اهلا و سهلا بزوارنا الكرام
منتــــــــــــدى العـــــــــــــلم و المعـــــــــــــرفة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتــــــــــــدى العـــــــــــــلم و المعـــــــــــــرفة

ما فائدة القلم إذا لم يفتح فكرا..أو يضمد جرحا..أو يرقا دمعة..أو يطهر قلبا..أو يكشف زيفا..أو يبني صرحا..يسعد الإنسان في ضلاله..
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 موسوعة فقه العبادات

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبد الحميد
المدير
عبد الحميد


عدد المساهمات : 487
نقاط : 1984
تاريخ التسجيل : 24/01/2012
العمر : 64

موسوعة فقه العبادات Empty
مُساهمةموضوع: موسوعة فقه العبادات   موسوعة فقه العبادات 36_1_710السبت فبراير 04, 2012 9:15 pm

حكي أيضاً عن طاوس ، ومجاهد ، وعروة بن الزّبير ، والرّبيع بن أنس ، وقتادة » . والأصل للفريقين قوله تعالى : { الحجّ أشهر معلومات فمن فرض فيهنّ الحجّ فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحجّ } فالجمهور فسّروا الآية بأنّ المراد شهران وبعض الثّالث . واستدلّوا بالآثار عن الصّحابة . كما يدلّ لهم أنّ أركان الحجّ تؤدّى خلال تلك الفترة . وأمّا المالكيّة فدليلهم واضح ، وهو ظاهر الآية ؛ لأنّها عبّرت بالجمع " أشهر " وأقلّ الجمع ثلاث ، فلا بدّ من دخول ذي الحجّة بكماله . ثمّ اختلف الجمهور في نهار يوم النّحر هل هو من أشهر الحجّ أو لا . فقال الحنفيّة والحنابلة : هو من أشهر الحجّ . وقال الشّافعيّة : آخر أشهر الحجّ ليلة يوم النّحر . وهو مرويّ عن أبي يوسف . وفي وجه عند الشّافعيّة في ليلة النّحر أنّها ليست من أشهر الحجّ . والأوّل هو الصّحيح المشهور . استدلّ الحنفيّة والحنابلة بحديث ابن عمر « أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وقف يوم النّحر بين الجمرات في الحجّة الّتي حجّ فقال : أيّ يوم هذا ؟ قالوا : يوم النّحر . قال : هذا يوم الحجّ الأكبر » أخرجه أبو داود وابن ماجه . قالوا : ولا يجوز أن يكون يوم الحجّ الأكبر ليس من أشهره . ويشهد له حديث بعث أبي بكر أبا هريرة يؤذّن في النّاس يوم النّحر أن لا يحجّ بعد العام مشرك ، فإنّه امتثال لقوله تعالى : { وأذان من اللّه ورسوله إلى النّاس يوم الحجّ الأكبر . . . } والحديث متّفق عليه . واحتجّوا بالدّليل المعقول ؛ لأنّ يوم النّحر فيه ركن الحجّ ، وهو طواف الزّيارة ، وفيه كثير من أفعال الحجّ ، منها : رمي جمرة العقبة ، والنّحر ، والحلق ، والطّواف ، والسّعي ، والرّجوع إلى منًى . ومستبعد " أن يوضع لأداء ركن عبادة وقت ليس وقتها ، ولا هو منه " واستدلّ الشّافعيّة برواية نافع عن ابن عمر أنّه قال : « أشهر الحجّ شوّال وذو القعدة وعشر من ذي الحجّة " أي عشر ليال . وعن ابن مسعود وابن عبّاس وابن الزّبير مثله . رواها كلّها البيهقيّ ، وصحّح الرّواية عن ابن عبّاس . ورواية ابن عمر صحيحة .
أحكام الميقات الزّمانيّ للحجّ :
34 - أ - ذهب الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة إلى أنّه يصحّ الإحرام بالحجّ قبل أشهر الحجّ ، وينعقد حجّاً ، لكن مع الكراهة . وهو قول إبراهيم النّخعيّ ، وسفيان الثّوريّ ، وإسحاق بن راهويه ، واللّيث بن سعد . وذهب الشّافعيّة إلى أنّه لا ينعقد الإحرام بالحجّ قبل أشهره ، فلو أحرم به قبل هلال شوّال لم ينعقد حجّاً ، وانعقد عمرةً على الصّحيح عندهم . وبه قال عطاء وطاوس ومجاهد وأبو ثور .
35 - والأصل في المسألة قوله تعالى : { الحجّ أشهر معلومات } وقد تنازع الفريقان الاستدلال بها ، وأيّد كلّ فريق وجهته بدلائل أخرى . وهو خلاف وقع بين أهل العربيّة أيضاً . استدلّ الثّلاثة بأنّ معنى الآية : الحجّ ( حجّ ) أشهر معلومات ، فعلى هذا التّقدير يكون الإحرام بالحجّ فيها أكمل من الإحرام به فيما عداها ، وإن كان ذاك صحيحاً ؛ ولأنّه أحد نسكي القران ، فجاز الإحرام به في جميع السّنة كالعمرة ، أو : أحد الميقاتين ، فصحّ الإحرام قبله ، كميقات المكان . ووجّه الحنفيّة المسألة بناءً على مذهبهم بأنّه شرط عندهم ، فأشبه الطّهارة في جواز التّقديم على الوقت ، وثبتت الكراهة لشبهه بالرّكن . واستدلّ الشّافعيّة بقوله تعالى : { الحجّ أشهر معلومات } . ووجه الاستدلال أنّ ظاهره التّقدير الآخر الّذي ذهب إليه النّحاة ، وهو ( وقت الحجّ أشهر معلومات ) فخصّصه بها من بين سائر شهور السّنة ، فدلّ على أنّه لا يصحّ قبلها ، كميقات الصّلاة . واستدلّوا من المعقول : بأنّ الإحرام نسك من مناسك الحجّ ، فكان مؤقّتاً ، كالوقوف والطّواف .
36 - اتّفقوا بعد هذا على أنّه لو فعل أيّ شيء من أفعال الحجّ قبل أشهر الحجّ لم يجزه ، حتّى لو صام المتمتّع أو القارن ثلاثة أيّام قبل أشهر الحجّ لا يجوز ، وكذا السّعي بين الصّفا والمروة عقب طواف القدوم لا يقع عن سعي الحجّ إلاّ فيها .
ثانياً : الميقات الزّمانيّ للإحرام بالعمرة :
37 - اتّفقوا على أنّ ميقات العمرة الزّمانيّ هو جميع العام ، فيصحّ أن تفعل في جميع السّنة ، وينعقد إحرامها ، وذلك لعدم المخصّص لها بوقت دون وقت . وكذلك قرّروا أنّها أفضل في شهر رمضان منها في غيره . وعبّر الحنفيّة بقولهم : « تندب في رمضان " ، لقوله صلى الله عليه وسلم : « عمرة في رمضان تقضي حجّةً » . متّفق عليه .
38 - ثمّ اختلفوا في أوقات يكره فيها الإحرام بالعمرة أو لا يكره . وهي : أ - يوم عرفة ويوم النّحر وأيّام التّشريق : ذهب المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة إلى عدم الكراهة فيها ، لكن قال الرّمليّ الشّافعيّ : « وهي في يوم عرفة والعيد وأيّام التّشريق ليست كفضلها في غيرها ؛ لأنّ الأفضل فعل الحجّ فيها » . واستدلّوا لعدم الكراهة بأنّ الأصل عدم الكراهة ، ولا دليل عليها . وذهب الحنفيّة إلى أنّ العمرة تكره تحريماً يوم عرفة وأربعة أيّام بعده ، حتّى يجب الدّم على من فعلها في ذلك عندهم . واستدلّوا بقول عائشة رضي الله عنها : حلّت العمرة في السّنة كلّها إلاّ أربعة أيّام : يوم عرفة ، ويوم النّحر ويومان بعد ذلك أخرجه البيهقيّ » . ولأنّ هذه الأيّام أيّام شغل بأداء الحجّ ، والعمرة فيها تشغلهم عن ذلك ، وربّما يقع الخلل فيه فتكره » .
ب - استثنى المالكيّة المحرم بالحجّ من سعة الوقت للإحرام بالعمرة ، فقالوا : الحاجّ وقت إحرامه بالعمرة من وقت تحلّله من الحجّ ، وذلك " بالفراغ من جميع أفعاله من طواف وسعي ورمي اليوم الرّابع ، أو قدر رميه لمن تعجّل فنفر في ثالث أيّام النّحر ، فإنّ هذا ينتظر إلى أن يمضي - بعد الزّوال من اليوم الرّابع - ما يسع الرّمي حتّى يبدأ وقت الإحرام له للعمرة » . وبناءً على ذلك قرّر المالكيّة : إن أحرم بالعمرة قبل ذلك الّذي ذكرناه لم ينعقد إحرامه ، وأنّه يكره الإحرام بالعمرة بعد التّحلّل بالفراغ من جميع أفعال الحجّ وقبل غروب شمس اليوم الرّابع .
الميقات المكانيّ
الميقات المكانيّ ينقسم قسمين :
ميقات مكانيّ للإحرام بالحجّ ، وميقات مكانيّ للإحرام بالعمرة .
أوّلاً : الميقات المكانيّ للإحرام بالحجّ :
39 - يختلف الميقات المكانيّ للإحرام بالحجّ باختلاف مواقع النّاس ، فإنّهما في حقّ المواقيت المكانيّة على أربعة أصناف ، وهي :
الصّنف الأوّل : الآفاقيّ .
الصّنف الثّاني : الميقاتيّ .
الصّنف الثّالث : الحرميّ .
الصّنف الرّابع : المكّيّ ، ويشترك مع الحرميّ في أكثر من وجه ، فيكونان مسألةً واحدةً . ثمّ صنف خامس : هو من تغيّر مكانه ، ما ميقاته ؟ .
ميقات الآفاقيّ : وهو من منزله خارج منطقة المواقيت .
40 - اتّفق العلماء على تقرير الأماكن الآتية مواقيت لأهل الآفاق المقابلة لها ، وهذه الأماكن هي : أ - ذو الحليفة : ميقات أهل المدينة ، ومن مرّ بها من غير أهلها . وتسمّى الآن " آبار عليّ " فيما اشتهر لدى العامّة .
ب - الجحفة : ميقات أهل الشّام ، ومن جاء من قبلها من مصر ، والمغرب . ويحرم الحجّاج من " رابغ " ، وتقع قبل الجحفة ، إلى جهة البحر ، فالمحرم من " رابغ " محرم قبل الميقات . وقد قيل إنّ الإحرام منها أحوط لعدم التّيقّن بمكان الجحفة .
ج - قرن المنازل : ويقال له " قرن " أيضاً ، ميقات أهل نجد ، و " قرن " جبل مطلّ على عرفات . وهو أقرب المواقيت إلى مكّة ، وتسمّى الآن " السّيل » .
د - يلملم : ميقات باقي أهل اليمن وتهامة ، والهند . وهو جبل من جبال تهامة ، جنوب مكّة .
هـ - ذات عرق : ميقات أهل العراق ، وسائر أهل المشرق . أدلّة تحديد مواقيت الآفاق :
41 - والدّليل على تحديدها مواقيت للإحرام السّنّة والإجماع : أ - أمّا السّنّة فأحاديث كثيرة نذكر منها هذين الحديثين : حديث ابن عبّاس رضي الله عنهما قال « : إنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وقّت لأهل المدينة ذا الحليفة ، ولأهل الشّام الجحفة ، ولأهل نجد قرن المنازل ، ولأهل اليمن يلملم . هنّ لهنّ ؛ ولمن أتى عليهنّ من غير أهلهنّ ، ممّن أراد الحجّ والعمرة . ومن كان دون ذلك فمن حيث أنشأ ، حتّى أهل مكّة من مكّة » . متّفق عليه . وحديث عبد اللّه بن عمر رضي الله عنهما أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال : « يهلّ أهل المدينة من ذي الحليفة ، وأهل الشّام من الجحفة ، وأهل نجد من قرن . قال عبد اللّه - يعني ابن عمر - وبلغني أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال : ويهلّ أهل اليمن من يلملم » . متّفق عليه فهذه نصوص في المواقيت عدا ذات عرق . وقد اختلف في دليل توقيت ذات عرق هل وقّت بالنّصّ أم بالاجتهاد والإجماع . فقال جماعة من العلماء ومنهم الشّافعيّ ومالك ثبت باجتهاد عمر رضي الله عنه وأقرّه الصّحابة ، فكان إجماعاً . وصحّح الحنفيّة والحنابلة وجمهور الشّافعيّة أنّ توقيت ذات عرق منصوص عليه من النّبيّ صلى الله عليه وسلم وأنّ عمر رضي الله عنه لم يبلغه تحديد النّبيّ صلى الله عليه وسلم فحدّده باجتهاده فوافق النّصّ .
ب - وأمّا دلالة الإجماع على هذه المواقيت فقال النّوويّ في المجموع : « قال ابن المنذر وغيره : أجمع العلماء على هذه المواقيت » . وقال أبو عمر بن عبد البرّ : « أجمع أهل العلم على أنّ إحرام العراقيّ من ذات عرق إحرام من الميقات » .
أحكام تتعلّق بالمواقيت :
42 - منها : أ - وجوب الإحرام منها لمن مرّ بالميقات قاصداً أحد النّسكين ، الحجّ أو العمرة ، وتحريم تأخير الإحرام عنها بالإجماع . والإحرام من أوّل الميقات ، أي الطّرف الأبعد من مكّة أفضل ، حتّى لا يمرّ بشيء ممّا يسمّى ميقاتاً غير محرم . ولو أحرم من آخره أي الطّرف الأقرب إلى مكّة جاز اتّفاقاً ، لحصول الاسم .
43 - ب - من مرّ بالمواقيت يريد دخول الحرم لحاجة غير النّسك اختلف فيه : ذهب الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة إلى أنّه يجب عليه الإحرام لدخول مكّة أو الحرم المعظّم المحيط بها ، وعليه العمرة إن لم يكن محرماً بالحجّ . وذهب الشّافعيّة إلى أنّه إذا قصد مكّة أو منطقة الحرم لحاجة لا للنّسك جاز له ألاّ يحرم . ( انظر الأدلّة وفروع المسألة في مصطلح « حرم » ) .
44 - ج - الاعتبار في هذه المواقيت بتلك المواضع ، لا باسم القرية والبناء . فلو خرب البناء في الميقات ونقلت عمارته إلى موضع آخر قريب منه وسمّي باسم الأوّل لم يتغيّر الحكم ، بل الاعتبار بموضع الأوّل .
45 - د - لا يشترط أن يحرم من هذه المواقيت بأعيانها ، بل يكفي أن يحرم منها بذاتها ، أو من حذوها ، أي محاذاتها ومقابلتها ، وذلك لما سبق في توقيت ذات عرق ، أنّ عمر رضي الله عنه أخذ في توقيتها بالمحاذاة ، وأقرّ على ذلك . فدلّ على اتّفاق الصّحابة على الأخذ بقاعدة المحاذاة .
فروع : تفرّع على ذلك :
46 - من سلك طريقاً ليس فيه ميقات معيّن ، برّاً أو بحراً أو جوّاً ، اجتهد وأحرم إذا حاذى ميقاتاً من هذه المواقيت المذكورة . وينبغي أن يأخذ بالاحتياط لئلاّ يجاوز الميقات غير محرم ، وخصوصاً راكب الطّائرة . 47 - إن لم يعلم المحاذاة فإنّه يحرم على مرحلتين من مكّة . اعتباراً بمسافة أقرب المواقيت ، فإنّه على بعد مرحلتين من مكّة . وعلى ذلك قرّروا أنّ جدّة تدخل في المواقيت ؛ لأنّها أقرب إلى مكّة من قرن المنازل 48 - وتفرّع على ذلك مسألة من يمرّ بميقاتين ، كالشّاميّ إذا قدم من المدينة ، والمدنيّ ، فإنّه إذا مرّ بالجحفة يمرّ بميقاتين فمن أيّ الميقاتين يحرم ؟ ذهب الشّافعيّة والحنابلة إلى أنّه يجب عليه أن يحرم من الميقات الأبعد ، كأهل الشّام ومصر والمغرب ، ميقاتهم الجحفة ، فإذا مرّوا بالمدينة وجب عليهم الإحرام من ذي الحليفة ميقات أهل المدينة ، وإذا جاوزوه غير محرمين حتّى الجحفة كان حكمهم حكم من جاوز الميقات من غير إحرام . وذهب المالكيّة إلى أنّ من يمرّ بميقاتين الثّاني منهما ميقاته ندب له الإحرام من الأوّل ، ولا يجب عليه الإحرام منه ؛ لأنّ ميقاته أمامه . وذهب الحنفيّة إلى أنّ من يمرّ بميقاتين فالأفضل له الإحرام من الأوّل ، ويكره له تأخيره إلى الثّاني الأقرب إلى مكّة . ولم يقيّدوه - في الأصحّ عندهم - بأن يكون الميقات الثّاني ميقاتاً له . استدلّ الشّافعيّة والحنابلة بحديث المواقيت ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : « هنّ لهنّ ؛ ولمن أتى عليهنّ من غير أهلهنّ » ، فإنّ هذا بعمومه يدلّ على أنّ الشّاميّ مثلاً إذا أتى ذا الحليفة فهو ميقاته ، يجب عليه أن يحرم منه . ولا يجوز له أن يجاوزه غير محرم . واستدلّ المالكيّة والحنفيّة بعموم التّوقيت لأهل المناطق المذكورة ، إلى جانب العموم الّذي استدلّ به الشّافعيّة ، فيحصل من ذلك له جواز الأمرين . فأخذ الحنفيّة بالعموم على ظاهره في العبارتين ، وجوّزوا الإحرام من أيّ الميقاتين ، مع كراهة التّأخير ، ويدلّ لهم ما ثبت أنّ ابن عمر أهلّ من الفرع وهو موضع بين ذي الحليفة ومكّة . وخصّ المالكيّة ذلك بغير المدنيّ . ويشهد لهم فعل النّبيّ صلى الله عليه وسلم والصّحابة ، فإنّهم أحرموا من ذي الحليفة . وهو محمول عند الحنفيّة على فعل الأفضل . ويدلّ للحنفيّة والمالكيّة من جهة النّظر : أنّ المقصود من الميقات تعظيم الحرم المحترم ، وهو يحصل بأيّ ميقات اعتبره الشّرع المكرّم ، يستوي القريب والبعيد في هذا المعنى . 49 - التّقدّم بالإحرام على المواقيت المكانيّة جائز بالإجماع ، وإنّما حدّدت لمنع مجاوزتها بغير إحرام . لكن اختلف هل الأفضل التّقدّم عليها ، أو الإحرام منها : فذهب المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة إلى أنّه يكره له الإحرام قبل الميقات . وذهب الحنفيّة إلى أنّ تقديم الإحرام على الميقات المكانيّ أفضل ، إذا أمن على نفسه مخالفة أحكام الإحرام . استدلّ الأوّلون بأنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم وأصحابه أحرموا من الميقات ، ولا يفعلون إلاّ الأفضل . وبأنّه يشبّه الإحرام بالحجّ قبل أشهره ، فيكون مثله في الكراهة . واستدلّ الحنفيّة بما أخرج أبو داود وابن ماجه عن أمّ سلمة رضي الله عنها أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال : « من أهلّ من المسجد الأقصى بعمرة أو حجّة غفر له » . وسئل عليّ رضي الله عنه عن قوله تعالى : { وأتمّوا الحجّ والعمرة للّه } فقال : أن تحرم من دويرة أهلك أخرجه الحاكم وصحّحه . واستدلّوا من حيث النّظر بأنّ " المشقّة فيه أكثر ، والتّعظيم أوفر " فيكون أفضل .
50 - من جاوز الميقات قاصداً الحجّ أو العمرة أو القران ، وهو غير محرم ، أثم ، ويجب عليه العود إليه والإحرام منه . فإن لم يرجع وجب عليه الدّم سواء ترك العود بعذر أو بغير عذر ، وسواء كان عالماً عامداً أو جاهلاً أو ناسياً . لكن من ترك العود لعذر لا يأثم بترك الرّجوع . ومن العذر خوف فوات الوقوف بعرفة لضيق الوقت ، أو المرض الشّاقّ ، أو خوف فوات الرّفقة . وذلك موضع وفاق بين المذاهب .
ميقات الميقاتيّ ( البستانيّ ) :
51 - الميقاتيّ هو الّذي يسكن في مناطق المواقيت ، أو ما يحاذيها ، أو في مكان دونها إلى الحرم المحيط بمكّة كقديد ، وعسفان ، ومرّ الظّهران . مذهب المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة أنّ ميقات إحرام المكانيّ للحجّ هو موضعه ، إلاّ أنّ المالكيّة قالوا : « يحرم من داره ، أو من مسجده ، ولا يؤخّر ذلك » . والأحسن أن يحرم من أبعدهما من مكّة . وقال الشّافعيّة والحنابلة ميقاته القرية الّتي يسكنها ، إن كان قرويّاً ، أو المحلّة الّتي ينزلها إن كان بدويّاً ، فإن جاوز القرية وفارق العمران إلى مكّة ثمّ أحرم كان آثماً ، وعليه الدّم للإساءة ، فإن عاد إليها سقط الدّم ، على التّفصيل الّذي سبق ، وبيان المذاهب فيه . وكذا إذا جاوز الخيام إلى جهة مكّة غير محرم ، وإن كان في برّيّة منفرداً أحرم من منزله . ويستحبّ أن يحرم من طرف القرية أو المحلّة الأبعد عن مكّة ، وإن أحرم من الطّرف الأقرب جاز . ومذهب الحنفيّة أنّ ميقاته منطقة الحلّ أي جميع المسافة من الميقات إلى انتهاء الحلّ ، ولا يلزمه كفّارة ، ما لم يدخل أرض الحرم بلا إحرام . وإحرامه من دويرة أهله أفضل . استدلّ الجميع بقوله صلى الله عليه وسلم في حديث المواقيت : « ومن كان دون ذلك فمن حيث أنشأ » ، فحمله المالكيّة على منزله ، وقالوا : إنّ المسجد واسع للإحرام " ؛ لأنّه موضع الصّلاة ؛ ولأنّ أهل مكّة يأتون المسجد فيحرمون منه ، وكذلك أهل ذي الحليفة يأتون مسجدهم » . وفسّره الشّافعيّة والحنابلة بالقرية والمحلّة الّتي يسكنها ؛ لأنّه أنشأ منها . وقال الحنفيّة : « إنّ خارج الحرم كلّه كمكان واحد في حقّ الميقاتيّ ، والحرم في حقّه كالميقات في حقّ الآفاقيّ ، فلا يدخل الحرم إذا أراد الحجّ أو العمرة إلاّ محرماً » .
ميقات الحرميّ والمكّيّ :
52 - أ - اتّفقت المذاهب على أنّ من كان من هذين الصّنفين ، بأن كان منزله في الحرم ، أو في مكّة ، سواء أكان مستوطناً ، أم نازلاً ، فإنّه يحرم بالحجّ من حيث أنشأ ، لما سبق في الحديث : « فمن كان دون ذلك فمن حيث أنشأ حتّى أهل مكّة من مكّه » .
ب - ثمّ اختلفوا في تفاصيل ذلك . فمذهب الحنفيّة أنّ من كان مكّيّاً ، أو منزله في الحرم ، كسكّان منًى ، فوقته الحرم للحجّ وللقران . ومن المسجد أفضل ، أو من دويرة أهله ، وهو قول عند الشّافعيّة بالنّسبة للمكّيّ فقط . وهذا على سبيل الوجوب عندهم ، فلو أنّه أهلّ من خارج منطقة الحرم ، لزمه العود إلى الحرم ، وإلاّ وجب عليه الدّم . ودليله حديث جابر في حجّة الوداع : « فأهللنا من الأبطح » وحديثه : « وجعلنا مكّة بظهر أهللنا بالحجّ » . أخرجهما مسلم ، وعلّقهما البخاريّ بصيغة الجزم . ومذهب المالكيّة التّفرقة بين من أهلّ بالحجّ ومن أهلّ بالقران ، فجعلوا ميقات القران ميقات العمرة الآتي تفصيله ، وهو قول عند الشّافعيّة . وأمّا من أهلّ بالحجّ وهو من سكّان مكّة أو الحرم فإمّا أن يكون مستوطناً ، أو آفاقيّاً نازلاً : أمّا المستوطن فإنّه يندب له أن يحرم من مكّة ، ومن المسجد الحرام أفضل ، وإن تركها وأحرم من الحرم أو الحلّ فخلاف الأولى ، ولا إثم ، فلا يجب الإحرام من مكّة . وأمّا الآفاقيّ فإن كان له سعة من الوقت - وعبّروا عنه ب " ذي النّفس " - فيندب له الخروج إلى ميقاته والإحرام منه . وإن لم يكن له سعة من الوقت فهو كالمستوطن . ومذهب الشّافعيّة والحنابلة أنّ الحرميّ ( الّذي ليس بمكّة ) حكمه حكم الميقاتيّ . وأمّا المكّيّ : أي المقيم بمكّة ولو كان غير مكّيّ ، فعند الشّافعيّة وجهان في ميقات الحجّ له ، مفرداً كان أو قارناً : الأصحّ : أنّ ميقاته نفس مكّة ، لما سبق في الحديث : « حتّى أهل مكّة من مكّة » . والثّاني : ميقاته كلّ الحرم ، لاستواء مكّة ، وما وراءها من الحرم في الحرمة . وعند الحنابلة يحرم بالحجّ من مكّة من المسجد من تحت الميزاب ، وهو أفضل عندهم . وجاز وصحّ أن يحرم من بمكّة من سائر الحرم عند الحنابلة كما هو عند الحنفيّة .
الميقات المكانيّ للعمرة
53 - هو الميقات المكانيّ للحجّ بالنّسبة للآفاقيّ والميقاتيّ . وميقات من كان بمكّة من أهلها أو غير أهلها الحلّ من أيّ مكان ، ولو كان بعد الحرم ، ولو بخطوة . واختلفوا في الأفضل منهما ، فذهب الجمهور إلى أنّه من الجعرانة أفضل ، وذهب الحنفيّة إلى أنّه من التّنعيم أفضل . وقال أكثر المالكيّة هما متساويان . والأصل في ذلك حديث عائشة : « قالت : يا رسول اللّه أتنطلقون بعمرة وحجّة ، وأنطلق بالحجّ ؟ فأمر أخاها عبد الرّحمن بن أبي بكر أن يخرج معها إلى التّنعيم فاعتمرت بعد الحجّ في ذي الحجّة » . ( متّفق عليه ) . ومن جهة النّظر أنّ من شأن الإحرام أن تكون هنا رحلة بين الحلّ والحرم ، ولمّا كانت أركان العمرة كلّها في الحرم ، كان لا بدّ أن يكون الإحرام في الحلّ . ولا يعلم في ذلك خلاف بين العلماء .
الفصل الخامس
محظورات الإحرام
حكمة حظر بعض المباحات حال الإحرام
54 - من حكم الشّرع في ذلك تذكير المحرم بما أقدم عليه من نسك ، وتربية النّفوس على التّقشّف . وقد كان من سنّة النّبيّ صلى الله عليه وسلم المغايرة في حال العيش بين التّقشّف والتّرفّه ، وتقرير المساواة بين النّاس ، وإذكاء مراقبة الإنسان نفسه في خصائص أموره العادية ، والتّذلّل والافتقار للّه عزّ وجلّ ، واستكمال جوانب من عبادة البدن . وقد ورد : « إنّ اللّه عزّ وجلّ يباهي ملائكته عشيّة عرفة بأهل عرفة ، فيقول : انظروا إلى عبادي أتوني شعثاً غبراً » . المحظورات من اللّباس 55 - يختلف تحريم الملبس في حقّ الرّجال عن تحريم الملبس في حقّ النّساء . أ - محظورات الإحرام في الملبس في حقّ الرّجال :
56 - ضابط هذه المحظورات أنّه لا يحلّ للرّجل المحرم أن يستر جسمه كلّه أو بعضه أو عضواً منه بشيء من اللّباس المخيط أو المحيط ، كالثّياب الّتي تنسج على هيئة الجسم قطعةً واحدةً دون خياطة ، إذا لبس ذلك الثّوب ، أو استعمله في اللّبس المعتاد له . ويستر جسمه بما سوى ذلك ، فيلبس رداءً يلفّه على نصفه العلويّ ، وإزاراً يلفّه على باقي جسمه ، أو ما أشبه ذلك . والدّليل على حظر ما ذكرنا ما ثبت في الحديث المشهور عن عبد اللّه بن عمر رضي الله عنهما « أنّ رجلاً سأل رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : ما يلبس المحرم من الثّياب ؟ فقال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : لا تلبسوا القمص ، ولا العمائم ، ولا السّراويلات ، ولا البرانس ، ولا الخفاف ، إلاّ أحد لا يجد النّعلين ، فليلبس الخفّين ، وليقطعهما أسفل من الكعبين . ولا تلبسوا من الثّياب شيئاً مسّه الزّعفران ولا الورس » أخرجه السّتّة . وفي رواية عن ابن عمر زيادة « ولا تنتقب المرأة المحرمة ، ولا تلبس القفّازين » أخرجها البخاريّ وأبو داود والتّرمذيّ والنّسائيّ . تفصيل أحكام هذه المحظورات : يشمل تحريم هذه الأصول المتّفق عليها أموراً كثيرةً نذكر منها ما يلي : لبس القباء والسّراويل ونحوهما :
57 - أوّلاً : لو وضع القباء ونحوه عليه من غير لبس أكمامه فهو محظور كاللّبس ، عند المالكيّة والشّافعيّة ، وهو المعتمد عند الحنابلة ، لنهيه عليه الصلاة والسلام عن لبسه للمحرم . رواه ابن المنذر ، ورواه النّجاد عن عليّ ، ولأنّه عادة لبسه كالقميص . وفصّل الحنفيّة فقالوا : لو ألقى القباء أو العباء ونحوهما على منكبيه من غير إدخال يديه أو إحداهما في كمّيه ولم يزرّه جاز مع الكراهة ، ولا فداء عليه ، وهو قول الخرقيّ من الحنابلة فإن زرّه أو أدخل يديه أو إحداهما في كمّيه فهو محظور ، حكمه حكم اللّبس في الجزاء . ووجهه : أنّ القباء لا يحيط بالبدن ، فلم تلزمه الفدية بوضعه على كتفيه ، إذا لم يدخل يديه كمّيه ، كالقميص يتّشح به . 58 - ثانياً : من لم يجد الإزار يجوز له أن يلبس السّراويل إلى أن يجد ما يتّزر به ، ولا فدية عليه عند الشّافعيّة والحنابلة . وفصّل الحنفيّة : فأجازوا لبس السّراويل إذا كان غير قابل لأن يشقّ ويؤتزر به ، وإلاّ يفتق ما حول السّراويل ما خلا موضع التّكّة ويتّزر به . ولو لبسه كما هو فعليه دم ، إلاّ إذا كان ضيّقاً غير قابل لذلك فيكون عليه فدية يتخيّر فيها . وعند المالكيّة قولان : قول بجواز لبس السّراويل إذا عدم الإزار ، ويفتدي ، وقول : لا يجوز ولو عدم الإزار ، وهو المعتمد .
لبس الخفّين ونحوهما :
59 - ثالثاً : من لم يجد النّعلين يقطع الخفّين أسفل من الكعبين ويلبسهما ، كما نصّ الحديث . وهو قول المذاهب الثّلاثة الحنفيّة والمالكيّة والشّافعيّة ، وهو رواية عن أحمد ، وقول عروة بن الزّبير والثّوريّ وإسحاق بن راهويه وابن المنذر ، وهو مرويّ عن عمر بن الخطّاب ، وعبد اللّه بن عمر ، والنّخعيّ . وقال الإمام أحمد : وهو المعتمد في المذهب : لا يقطع الخفّين ، ويلبسهما كما هما . وهو قول عطاء وعكرمة وسعيد بن سالم القدّاح ، بل قال الحنابلة : « حرم قطعهما " على المحرم . استدلّ الجمهور بحديث ابن عمر السّابق في محظورات الإحرام . واستدلّ الحنابلة بحديث ابن عبّاس ، وقالوا : « إنّ زيادة القطع - أي في حديث ابن عمر - اختلف فيها ، فإن صحّت فهي بالمدينة ، لرواية أحمد عنه : « سمعت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يقول على هذا المنبر " فذكره ، وخبر ابن عبّاس بعرفات ، فلو كان القطع واجباً لبيّنه للجمع العظيم الّذي لم يحضر أكثرهم ذلك بالمدينة . وقد فسّر الجمهور الكعب الّذي يقطع الخفّ أسفل منه بأنّهما العظمان النّاتئان عند مفصل السّاق والقدم . وفسّره الحنفيّة بالمفصل الّذي في وسط القدم عند معقد الشّراك . ووجهه أنّه : « لمّا كان الكعب يطلق عليه وعلى النّاتئ حمل عليه احتياطاً » . 60 - رابعاً : ألحق المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة بالخفّين كلّ ما ستر شيئاً من القدمين ستر إحاطة ، فلم يجيزوا لبس الخفّين المقطوعين أسفل من الكعبين إلاّ عند فقد النّعلين . ولو وجد النّعلين لم يجز له لبسهما ، ووجب عليه خلعهما إن كان قد لبسهما . وإن لبسهما لعذر كالمرض لم يأثم وعليه الفداء . وأمّا الحنفيّة فإنّهم قالوا : كلّ ما كان غير ساتر للكعبين ، اللّذين في ظاهر القدمين فهو جائز للمحرم .
تقلّد السّلاح :
61 - خامساً : حظر المالكيّة والحنابلة على المحرم تقلّد السّيف بدون حاجة ، ومثله الأسلحة المعاصرة . وأوجب عليه المالكيّة الفداء إذا تقلّده لغير حاجة ، وقالوا : هذا إذا كانت علاقته غير عريضة ، ولا متعدّدةً ، وإلاّ فالفدية لازمة على كلّ حال ، لكن لا يأثم في حال العذر . وأجاز الحنفيّة والشّافعيّة تقلّد السّيف مطلقاً ، لم يقيّدوه بالحاجة ، وكأنّهم لاحظوا أنّه ليس من اللّبس المعتاد المحظور على المحرم .
ستر الرّأس والاستظلال :
62 - سادساً : اتّفق العلماء على تحريم ستر المحرم رأسه أو بعضه ، أخذاً من تحريم لبس العمائم والبرانس ثمّ اختلفوا في ضابط هذا السّتر . فعند الحنفيّة والحنابلة يحرم ستره بما يقصد به التّغطية عادةً . وعند المالكيّة يحرم ستر المحرم رأسه بكلّ ما يعدّ ساتراً مطلقاً . وقريب منهم مذهب الشّافعيّة ، غير أنّهم قالوا : يحرم ما يعدّ ساتراً عرفاً ، فإن لم يكن ساتراً عرفاً فيحرم إن قصد به السّتر . يحرم ستر بعض الرّأس كذلك بما يعدّ ساتراً ، أو يقصد به السّتر ، على الخلاف الّذي ذكرناه . فلا يجوز له أن يعصب رأسه بعصابة ، ولا سير ، ولا يجعل عليه شيئاً يلصق به . وقد ضبطه المالكيّة بما يبلغ مساحة درهم فأكثر . وجعل الحنفيّة فيما كان أقلّ من ربع الرّأس الكراهة وصدقةً بشرط الدّوام الّذي سيأتي . واتّفقوا على جواز نحو خيط ، ويحرم عند المالكيّة وضع اليد على الرّأس ، لأنّها ساتر مطلقاً ، وكذا عند الشّافعيّة إن قصد بها ستر الرّأس ، وإلاّ فلا . ولا يحرم عند الحنفيّة والحنابلة . 63 - وأمّا وضع حمل على الرّأس : فيحرم عند الحنفيّة والحنابلة إن كان ممّا يقصد به التّغطية بحسب العادة ، كما لو حمل على رأسه ثياباً ، فإنّه يكون تغطيةً ، وإن كان ممّا لا يقصد به تغطية الرّأس عادةً لا يحرم ، كحمل طبق أو قفّة ، أو طاسة قصد بها السّتر ؛ لأنّها ليست ممّا يقصد به السّتر غالباً ، فصار كوضع اليد . وهذا متّفق مع الشّافعيّة ، لكن عند الشّافعيّة إذا حمل ما لا يعتبر ساتراً كالقفّة وقصد به السّتر حرم ولزمه الفداء . وأمّا المالكيّة فقالوا : يجوز للمحرم أن يحمل على رأسه ما لا بدّ منه من خرجه وجرابه ، وغيره ، والحال أنّه لا يجد من يحمل خرجه مثلاً لا بأجرة ولا بغيرها . فإن حمل لغيره أو للتّجارة ، فالفدية ، وقال أشهب : إلاّ أن يكون عيشه ذلك . أي إلاّ أن يكون ما ذكر من الحمل للغير أو التّجارة لعيشه . وهو معتمد في المذهب المالكيّ . 64 - والتّظلّل بما لا يلامس الرّأس ، وهو ثابت في أصل تابع له ، جائز اتّفاقاً ، كسقف الخيمة ، والبيت ، من داخلهما ، أو التّظلّل بظلّهما من الخارج ، ومثل مظلّة المحمل إذا كانت ثابتةً عليه من الأصل . وعلى ذلك يجوز ركوب السّيّارات المسقفة اتّفاقاً ؛ لأنّ سقوفها من أصل صناعتها ، فصارت كالبيت والخيمة . وإن لم يكن المظلّ ثابتاً في أصل يتبعه فجائز كذلك مطلقاً عند الحنفيّة والشّافعيّة وقول عند الحنابلة . وقال المالكيّة : لا يجوز التّظلّل بما لا يثبت في المحمل . ونحو هذا قول عند الحنابلة ، واختاره الخرقيّ ، وضبطه عندهم في هذا القول : « أنّه ستر رأسه بما يستدام ويلازمه غالباً ، فأشبه ما لو ستره بشيء يلاقيه " وفي التّظلّل بنحو ثوب يجعل على عصاً أو على أعواد ( مظلّة أو بشيء يرفعه على رأسه من الشّمس أو الرّيح ) ، أقوال ثلاثة أقربها الجواز ، للحديث الآتي في دليل الجمهور . ويجوز الاتّقاء بذلك من المطر . وأمّا البناء والخباء ونحوهما فيجوز الاتّقاء به من الحرّ والبرد والمطر . وأجاز التّظلّل بذلك الحنابلة ، وكذا الحنفيّة والشّافعيّة ، لما عرفت من أصل مذهبهم . واستدلّوا بحديث أمّ الحصين قالت : « حججت مع رسول اللّه صلى الله عليه وسلم حجّة الوداع ، فرأيت أسامة وبلالاً ، وأحدهما آخذ بخطام ناقة النّبيّ صلى الله عليه وسلم والآخر رافع ثوبه يستره من الحرّ ، حتّى رمى جمرة العقبة » . أخرجه مسلم . ولأنّ ما حلّ للحلال - كما في المغني - حلّ للمحرم إلاّ ما قام على تحريمه دليل .
ستر الوجه
65 - سابعاً : يحظر على المحرم ستر وجهه عند الحنفيّة والمالكيّة وليس بمحظور عند الشّافعيّة والحنابلة وعزاه النّوويّ في المجموع إلى الجمهور . استدلّ الحنفيّة والمالكيّة بحديث ابن عبّاس رضي الله عنهما « أنّ رجلاً وقصته راحلته وهو محرم فمات ، فقال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : اغسلوه بماء وسدر ، وكفّنوه في ثوبيه ، ولا تخمّروا رأسه ولا وجهه ، فإنّه يبعث يوم القيامة ملبّياً » أخرجه مسلم . وجه الاستدلال أنّه : « أفاد أنّ للإحرام أثراً في عدم تغطية الوجه » . واستدلّوا أيضاً من المعقول بأنّ المرأة لا تغطّي وجهها ، مع أنّ في الكشف فتنةً ، فالرّجل بطريق الأولى . واستدلّ الشّافعيّة والحنابلة بما ورد من الآثار عن بعض الصّحابة بإباحة تغطية المحرم وجهه ، من فعلهم أو قولهم . روي ذلك عن عثمان بن عفّان ، وعبد الرّحمن بن عوف ، وزيد بن ثابت ، وابن الزّبير ، وسعد بن أبي وقّاص ، وجابر . وروى القاسم وطاوس والثّوريّ من غير الصّحابة . لبس القفّازين :
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://mazika28.ahlamontada.com
 
موسوعة فقه العبادات
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتــــــــــــدى العـــــــــــــلم و المعـــــــــــــرفة  :: منتدى المكتبة الاسلامية-
انتقل الى: