منتــــــــــــدى العـــــــــــــلم و المعـــــــــــــرفة
اهلا و سهلا بزوارنا الكرام
منتــــــــــــدى العـــــــــــــلم و المعـــــــــــــرفة
اهلا و سهلا بزوارنا الكرام
منتــــــــــــدى العـــــــــــــلم و المعـــــــــــــرفة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتــــــــــــدى العـــــــــــــلم و المعـــــــــــــرفة

ما فائدة القلم إذا لم يفتح فكرا..أو يضمد جرحا..أو يرقا دمعة..أو يطهر قلبا..أو يكشف زيفا..أو يبني صرحا..يسعد الإنسان في ضلاله..
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 موسوعة فقه العبادات

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبد الحميد
المدير
عبد الحميد


عدد المساهمات : 487
نقاط : 1984
تاريخ التسجيل : 24/01/2012
العمر : 64

موسوعة فقه العبادات Empty
مُساهمةموضوع: موسوعة فقه العبادات   موسوعة فقه العبادات 36_1_710السبت فبراير 04, 2012 9:04 pm

مِنْهُمْ أَحَدٌ دَخَلَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ فَذَكَرَ لَهَا مَا لَقِيَ مِنْ النَّاسِ , قَالَتْ لَهُ : يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَتُحِبُّ ذَلِكَ ؟ اُخْرُجْ ثُمَّ لَا تُكَلِّمْ أَحَدًا مِنْهُمْ كَلِمَةً , حَتَّى تَنْحَرَ بُدُنَك , وَتَدْعُوَ حَالِقَك فَيَحْلُقَك , فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يُكَلِّمْ أَحَدًا مِنْهُمْ حَتَّى فَعَلَ ذَلِكَ , نَحَرَ بُدُنَهُ , وَدَعَا حَالِقَهُ فَحَلَقَهُ , فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِكَ قَامُوا فَنَحَرُوا وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يَحْلِقُ بَعْضًا } .
وَلِلْمَرْأَةِ أَنْ تَعْقِدَ الْأَمَانَ مَعَ الْكُفَّارِ , وَيَسْرِي ذَلِكَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ , فَفِي الْمُغْنِي : إذَا أَعْطَتْ الْمَرْأَةُ الْأَمَانَ لِلْكُفَّارِ جَازَ عَقْدُهَا , وَقَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله تعالى عنها : إنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ لَتُجِيرُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَيَجُوزُ , وَعَنْ { أُمِّ هَانِئٍ أَنَّهَا قَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي أَجَرْت أَحْمَائِي وَأَغْلَقْت عَلَيْهِمْ , وَإِنَّ ابْنَ أُمِّي أَرَادَ قَتْلَهُمْ , فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : قَدْ أَجَرْنَا مَنْ أَجَرْت يَا أُمَّ هَانِئٍ } , وَأَجَارَتْ زَيْنَبُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم زَوْجَهَا أَبَا الْعَاصِ بْنَ الرَّبِيعِ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ فَأَمْضَاهُ رَسُولُ اللَّهِ .
د - ذِمَّتُهَا الْمَالِيَّةُ :
13 - لِلْأُنْثَى ذِمَّةٌ مَالِيَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ كَالرَّجُلِ , وَحَقُّهَا فِي التَّصَرُّفِ فِي مَالِهَا أَمْرٌ مُقَرَّرٌ فِي الشَّرِيعَةِ مَا دَامَتْ رَشِيدَةً ; لقوله تعالى : { فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ } . وَلَهَا أَنْ تَتَصَرَّفَ فِي مَالِهَا كُلِّهِ عَنْ طَرِيقِ الْمُعَاوَضَةِ بِدُونِ إذْنٍ مِنْ أَحَدٍ , وَهَذَا بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ . أَمَّا تَصَرُّفُهَا فِي مَالِهَا عَنْ طَرِيقِ التَّبَرُّعِ بِهِ , فَعِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ : يَجُوزُ لَهَا التَّصَرُّفُ فِي كُلِّ مَالِهَا بِالتَّبَرُّعِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَابْنِ الْمُنْذِرِ وَرِوَايَةٍ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ ; لِمَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ قَالَ : { يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ تَصَدَّقْنَ وَلَوْ مِنْ حُلِيِّكُنَّ } وَأَنَّهُنَّ تَصَدَّقْنَ فَقَبِلَ صَدَقَتَهُنَّ , وَلَمْ يَسْأَلْ وَلَمْ يَسْتَفْصِلْ . وَلِهَذَا جَازَ لَهَا التَّصَرُّفُ بِدُونِ إذْنٍ لِزَوْجِهَا فِي مَالِهَا , فَلَمْ يَمْلِكْ الْحَجْرَ عَلَيْهَا فِي التَّصَرُّفِ بِجَمِيعِهِ . وَعِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ , وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ : أَنَّهُ يَجُوزُ لَهَا التَّبَرُّعُ فِي حُدُودِ الثُّلُثِ , وَلَا يَجُوزُ لَهَا التَّبَرُّعُ بِزِيَادَةٍ عَلَى الثُّلُثِ إلَّا بِإِذْنِ زَوْجِهَا . وَلِأَنَّ لِلْمَرْأَةِ ذِمَّةً مَالِيَّةً مُسْتَقِلَّةً فَقَدْ أَجَازَ الْفُقَهَاءُ لَهَا أَنْ تَضْمَنَ غَيْرَهَا , جَاءَ فِي الْمُغْنِي : يَصِحُّ ضَمَانُ كُلِّ جَائِزِ التَّصَرُّفِ فِي مَالِهِ , سَوَاءٌ كَانَ رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً ; لِأَنَّهُ عَمْدٌ يُقْصَدُ بِهِ الْمَالُ , فَصَحَّ مِنْ الْمَرْأَةِ كَالْبَيْعِ . وَهَذَا عِنْدَ مَنْ يُجِيزُ لَهَا التَّبَرُّعَ بِكُلِّ مَالِهَا , أَمَّا مَنْ لَا يُجِيزُ لَهَا التَّبَرُّعَ بِأَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ إلَّا بِإِذْنِ زَوْجِهَا , فَإِنَّهُمْ يُجِيزُونَ لَهَا الضَّمَانَ فِي حُدُودِ ثُلُثِ مَالِهَا أَوْ بِزَائِدٍ يَسِيرٍ بِاعْتِبَارِ أَنَّ الضَّمَانَ مِنْ التَّبَرُّعَاتِ , وَأَمَّا مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَيَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةِ الزَّوْجِ .
هـ - حَقُّ الْعَمَلِ :
14 - الْأَصْلُ أَنَّ وَظِيفَةَ الْمَرْأَةِ الْأُولَى هِيَ إدَارَةُ بَيْتِهَا وَرِعَايَةُ أُسْرَتِهَا وَتَرْبِيَةُ أَبْنَائِهَا وَحُسْنُ تَبَعُّلِهَا , يَقُولُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : { الْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا } . وَهِيَ غَيْرُ مُطَالَبَةٍ بِالْإِنْفَاقِ عَلَى نَفْسِهَا , فَنَفَقَتُهَا وَاجِبَةٌ عَلَى أَبِيهَا أَوْ زَوْجِهَا ; لِذَلِكَ كَانَ مَجَالُ عَمَلِهَا هُوَ الْبَيْتُ , وَعَمَلُهَا فِي الْبَيْتِ يُسَاوِي عَمَلَ الْمُجَاهِدِينَ . وَمَعَ ذَلِكَ فَالْإِسْلَامُ لَا يَمْنَعُ الْمَرْأَةَ مِنْ الْعَمَلِ فَلَهَا أَنْ تَبِيعَ وَتَشْتَرِيَ , وَأَنْ تُوَكِّلَ غَيْرَهَا , وَيُوَكِّلَهَا غَيْرُهَا , وَأَنْ تُتَاجِرَ بِمَالِهَا , وَلَيْسَ لِأَحَدٍ مَنْعُهَا مِنْ ذَلِكَ مَا دَامَتْ مُرَاعِيَةً أَحْكَامَ الشَّرْعِ وَآدَابَهُ , وَلِذَلِكَ أُبِيحَ لَهَا كَشْفُ وَجْهِهَا وَكَفَّيْهَا , قَالَ الْفُقَهَاءُ : لِأَنَّ الْحَاجَةَ تَدْعُو إلَى إبْرَازِ الْوَجْهِ لِلْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ , وَإِلَى إبْرَازِ الْكَفِّ لِلْأَخْذِ وَالْإِعْطَاءِ . وَفِي الِاخْتِيَارِ : لَا يَنْظُرُ الرَّجُلُ إلَى الْحُرَّةِ الْأَجْنَبِيَّةِ إلَّا إلَى الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ . . ; لِأَنَّ فِي ذَلِكَ ضَرُورَةً لِلْأَخْذِ وَالْإِعْطَاءِ وَمَعْرِفَةُ وَجْهِهَا عِنْدَ الْمُعَامَلَةِ مَعَ الْأَجَانِبِ ; لِإِقَامَةِ مَعَاشِهَا وَمَعَادِهَا لِعَدَمِ مَنْ يَقُومُ بِأَسْبَابِ مَعَاشِهَا . وَالنُّصُوصُ الدَّالَّةُ عَلَى جَوَازِ عَمَلِ الْمَرْأَةِ كَثِيرَةٌ , وَاَلَّذِي يُمْكِنُ اسْتِخْلَاصُهُ مِنْهَا , أَنَّ لِلْمَرْأَةِ الْحَقَّ فِي الْعَمَلِ بِشَرْطِ إذْنِ الزَّوْجِ لِلْخُرُوجِ , إنْ اسْتَدْعَى عَمَلُهَا الْخُرُوجَ وَكَانَتْ ذَاتَ زَوْجٍ , وَيَسْقُطُ حَقُّهُ فِي الْإِذْنِ إذَا امْتَنَعَ عَنْ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا . جَاءَ فِي نِهَايَةِ الْمُحْتَاجِ : إذَا أَعْسَرَ الزَّوْجُ بِالنَّفَقَةِ وَتَحَقَّقَ الْإِعْسَارُ فَالْأَظْهَرُ إمْهَالُهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ , وَلَهَا الْفَسْخُ صَبِيحَةَ الرَّابِعِ , وَلِلزَّوْجَةِ - وَإِنْ كَانَتْ غَنِيَّةً - الْخُرُوجُ زَمَنَ الْمُهْلَةِ نَهَارًا لِتَحْصِيلِ النَّفَقَةِ بِنَحْوِ كَسْبٍ , وَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا لِأَنَّ الْمَنْعَ فِي مُقَابِلِ النَّفَقَةِ . وَفِي مُنْتَهَى الْإِرَادَاتِ : إذَا أَعْسَرَ الزَّوْجُ بِالنَّفَقَةِ خُيِّرَتْ الزَّوْجَةُ بَيْنَ الْفَسْخِ وَبَيْنَ الْمُقَامِ مَعَهُ مَعَ مَنْعِ نَفْسِهَا , فَإِنْ لَمْ تَمْنَعْ نَفْسَهَا مِنْهُ وَمَكَّنَتْهُ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا فَلَا يَمْنَعُهَا تَكَسُّبًا , وَلَا يَحْبِسُهَا مَعَ عُسْرَتِهِ إذَا لَمْ تَفْسَخْ لِأَنَّهُ إضْرَارٌ بِهَا وَسَوَاءٌ كَانَتْ غَنِيَّةً أَوْ فَقِيرَةً ; لِأَنَّهُ إنَّمَا يَمْلِكُ حَبْسَهَا إذَا كَفَاهَا الْمَئُونَةَ وَأَغْنَاهَا عَمَّا لَا بُدَّ لَهَا مِنْهُ . وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ الْعَمَلُ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ . جَاءَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ : إنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ قَابِلَةً , أَوْ كَانَ لَهَا حَقٌّ عَلَى آخَرَ , أَوْ لِآخَرَ عَلَيْهَا حَقٌّ تَخْرُجُ بِالْإِذْنِ وَبِغَيْرِ الْإِذْنِ , وَمِثْلُ ذَلِكَ فِي حَاشِيَةِ سَعْدِي جَلَبِي عَنْ مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ . إلَّا أَنَّ ابْنَ عَابِدِينَ بَعْدَ أَنْ نَقَلَ مَا فِي الْفَتْحِ قَالَ : وَفِي الْبَحْرِ عَنْ الْخَانِيَّةِ تَقْيِيدُ خُرُوجِهَا بِالْإِذْنِ ; لِأَنَّ حَقَّهُ مُقَدَّمٌ عَلَى فَرْضِ الْكِفَايَةِ . هَذَا , وَإِذَا كَانَ لَهَا مَالٌ فَلَهَا أَنْ تُتَاجِرَ بِهِ مَعَ غَيْرِهَا , كَأَنْ تُشَارِكَهُ أَوْ تَدْفَعَهُ مُضَارَبَةً دُونَ إذْنٍ مِنْ أَحَدٍ . جَاءَ فِي جَوَاهِرِ الْإِكْلِيلِ : قِرَاضُ الزَّوْجَةِ أَيْ دَفْعُهَا مَالًا لِمَنْ يَتَّجِرُ فِيهِ بِبَعْضِ رِبْحِهِ , فَلَا يَحْجُرُ عَلَيْهَا فِيهِ اتِّفَاقًا ; لِأَنَّهُ مِنْ التِّجَارَةِ . 15 - ثُمَّ إنَّهَا لَوْ عَمِلَتْ مَعَ الزَّوْجِ كَانَ كَسْبُهَا لَهَا . جَاءَ فِي الْفَتَاوَى الْبَزَّازِيَّةِ : أَفْتَى الْقَاضِي الْإِمَامُ فِي زَوْجَيْنِ سَعَيَا وَحَصَّلَا أَمْوَالًا أَنَّهَا لَهُ ; لِأَنَّهَا مُعِينَةٌ لَهُ , إلَّا إذَا كَانَ لَهَا كَسْبٌ عَلَى حِدَةٍ فَلَهَا ذَلِكَ . وَفِي الْفَتَاوَى : امْرَأَةٌ مُعَلَّمَةٌ , يُعِينُهَا الزَّوْجُ أَحْيَانًا فَالْحَاصِلُ لَهَا , وَفِي الْتِقَاطِ السُّنْبُلَةِ إذَا الْتَقَطَا فَهُوَ بَيْنَهُمَا أَنْصَافًا . كَمَا أَنَّ لِلْأَبِ أَنْ يُوَجِّهَ ابْنَتَهُ لِلْعَمَلِ : جَاءَ فِي حَاشِيَةِ ابْنِ عَابِدِينَ : لِلْأَبِ أَنْ يَدْفَعَ ابْنَتَهُ لِامْرَأَةٍ تُعَلِّمُهَا حِرْفَةً كَتَطْرِيزٍ وَخِيَاطَةٍ . وَإِذَا عَمِلَتْ الْمَرْأَةُ فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ فِي حُدُودٍ لَا تَتَنَافَى مَعَ مَا يَجِبُ مِنْ صِيَانَةِ الْعِرْضِ وَالْعَفَافِ وَالشَّرَفِ .
وَيُمْكِنُ تَحْدِيدُ ذَلِكَ بِمَا يَأْتِي :
( 1 ) أَلَّا يَكُونَ الْعَمَلُ مَعْصِيَةً كَالْغِنَاءِ وَاللَّهْوِ , وَأَلَّا يَكُونَ مَعِيبًا مُزْرِيًا تُعَيَّرُ بِهِ أُسْرَتُهَا . جَاءَ فِي الْبَدَائِعِ وَالْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ : إذَا آجَرَتْ الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا بِمَا يُعَابُ بِهِ كَانَ لِأَهْلِهَا أَنْ يُخْرِجُوهَا مِنْ تِلْكَ الْإِجَارَةِ , وَفِي الْمَثَلِ السَّائِرِ : تَجُوعُ الْحُرَّةُ وَلَا تَأْكُلْ بِثَدْيَيْهَا , وَعَنْ مُحَمَّدٍ رحمه الله تعالى فِي امْرَأَةٍ نَائِحَةٍ أَوْ صَاحِبِ طَبْلٍ أَوْ مِزْمَارٍ اكْتَسَبَ مَالًا فَهُوَ مَعْصِيَةٌ .
( 2 ) أَلَّا يَكُونَ عَمَلُهَا مِمَّا يَكُونُ فِيهِ خَلْوَةٌ بِأَجْنَبِيٍّ . جَاءَ فِي الْبَدَائِعِ : كَرِهَ أَبُو حَنِيفَةَ اسْتِخْدَامَ الْمَرْأَةِ وَالِاخْتِلَاءَ بِهَا ; لِمَا قَدْ يُؤَدِّي إلَى الْفِتْنَةِ , وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ , أَمَّا الْخَلْوَةُ ; فَلِأَنَّ الْخَلْوَةَ بِالْأَجْنَبِيَّةِ مَعْصِيَةٌ , وَأَمَّا الِاسْتِخْدَامُ ; فَلِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ مَعَهُ الِاطِّلَاعُ عَلَيْهَا وَالْوُقُوعُ فِي الْمَعْصِيَةِ . وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : { لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إلَّا كَانَ الشَّيْطَانُ ثَالِثَهُمَا } وَلِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ مَعَ الْخَلْوَةِ مُوَاقَعَةُ الْمَحْظُورِ .
( 3 ) أَلَّا تَخْرُجَ لِعَمَلِهَا مُتَبَرِّجَةً مُتَزَيِّنَةً بِمَا يُثِيرُ الْفِتْنَةَ , قَالَ ابْنُ عَابِدِينَ : وَحَيْثُ أَبَحْنَا لَهَا الْخُرُوجَ فَإِنَّمَا يُبَاحُ بِشَرْطِ عَدَمِ الزِّينَةِ وَتَغْيِيرِ الْهَيْئَةِ إلَى مَا يَكُونُ دَاعِيَةً لِنَظَرِ الرِّجَالِ وَالِاسْتِمَالَةِ , قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : { وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى } وَقَالَ تَعَالَى : { وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا } , وَفِي الْحَدِيثِ : { الرَّافِلَةُ فِي الزِّينَةِ فِي غَيْرِ أَهْلِهَا كَمَثَلِ ظُلْمَةِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا نُورَ لَهَا } .
ثَالِثًا : الْأَحْكَامُ الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِالْأُنْثَى : لِلْأُنْثَى أَحْكَامٌ فِقْهِيَّةٌ مُتَنَوِّعَةٌ فَمِنْهَا مَا يَخْتَصُّ بِالْعَوْرَةِ وَمَا يَتَّصِلُ بِهَا , وَمِنْهَا الْأَحْكَامُ الَّتِي تَتَرَتَّبُ عَلَى ارْتِبَاطِهَا بِزَوْجٍ , وَمِنْهَا الْأَحْكَامُ الْخَاصَّةُ بِالْعِبَادَاتِ أَوْ الْوِلَايَاتِ أَوْ الْجِنَايَاتِ . .
وَهَكَذَا . وَبَيَانُ ذَلِكَ فِيمَا يَأْتِي : بَوْلُ الْأُنْثَى الرَّضِيعَةِ الَّتِي لَمْ تَأْكُلْ الطَّعَامَ :
16 - يَخْتَلِفُ الْحُكْمُ فِي إزَالَةِ نَجَاسَةِ بَوْلِ الْأُنْثَى الرَّضِيعَةِ الَّتِي لَمْ تَأْكُلْ الطَّعَامَ عَنْ بَوْلِ الذَّكَرِ الرَّضِيعِ الَّذِي لَمْ يَأْكُلْ الطَّعَامَ , وَذَلِكَ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ . فَيُجْزِئُ عِنْدَهُمْ فِي التَّطْهِيرِ مِنْ بَوْلِ الْغُلَامِ نَضْحُهُ بِالْمَاءِ ( أَيْ أَنْ يَرُشَّهُ بِالْمَاءِ ) وَلَا يَكْفِي ذَلِكَ فِي إزَالَةِ بَوْلِ الْأُنْثَى , بَلْ لَا بُدَّ مِنْ غَسْلِهِ كَغَيْرِهِ مِنْ النَّجَاسَاتِ , وَذَلِكَ لِحَدِيثِ { أُمِّ قَيْسِ بْنِ مُحْصَنٍ أَنَّهَا أَتَتْ بِابْنٍ لَهَا صَغِيرٍ لَمْ يَأْكُلْ الطَّعَامَ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَجْلَسَهُ فِي حِجْرِهِ , فَبَالَ عَلَى ثَوْبِهِ , فَدَعَا بِمَاءٍ فَنَضَحَهُ وَلَمْ يَغْسِلْهُ } . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ , وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : { إنَّمَا يُغْسَلُ مِنْ بَوْلِ الْأُنْثَى , وَيُنْضَحُ مِنْ بَوْلِ الذَّكَرِ } . أَمَّا الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ فَلَا يُفَرِّقُونَ بَيْنَهُمَا فَيُغْسَلُ مَا أَصَابَهُ بَوْلُ كُلٍّ مِنْ الصَّبِيِّ أَوْ الصَّيِّبَةِ لِنَجَاسَتِهِ ; لِإِطْلَاقِ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم : { اسْتَنْزِهُوا مِنْ الْبَوْلِ } .
الْأَحْكَامُ الَّتِي تَتَّصِلُ بِمَا تَخْتَصُّ بِهِ مِنْ حَيْضٍ وَحَمْلٍ :
17 - مِنْ الْفِطْرَةِ الَّتِي خَلَقَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الْإِنْسَانَ عَلَيْهَا أَنَّ كُلًّا مِنْ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ يَمِيلُ إلَى الْآخَرِ , وَجَعَلَ الِاتِّصَالَ الشَّرْعِيَّ بَيْنَهُمَا وَسِيلَةً لِامْتِدَادِ الْجِنْسِ الْبَشَرِيِّ بِالتَّنَاسُلِ وَالتَّوَالُدِ . وَاخْتَصَّ الْأُنْثَى مِنْ ذَلِكَ بِأَنَّهَا هِيَ الَّتِي تَحِيضُ وَتَحْمِلُ وَتَلِدُ وَتُرْضِعُ . وَهَذِهِ الْأُمُورُ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا بَعْضُ الْأَحْكَامِ الْفِقْهِيَّةِ نُوجِزُهَا فِيمَا يَلِي : ( 1 ) يُعْتَبَرُ الْحَيْضُ وَالْحَمْلُ مِنْ عَلَامَاتِ بُلُوغِ الْأُنْثَى .
( 2 ) التَّخْفِيفُ عَنْهَا فِي الْعِبَادَةِ فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ , فَتَسْقُطُ عَنْهَا الصَّلَاةُ أَثْنَاءَ الْحَيْضِ دُونَ قَضَاءٍ , وَيَجِبُ عَلَيْهَا الْإِفْطَارُ مَعَ الْقَضَاءِ فِي أَيَّامٍ أُخَرَ , وَجَوَازُ الْإِفْطَارِ أَثْنَاءَ الْحَمْلِ أَوْ الرَّضَاعَةِ , إنْ كَانَ الصِّيَامُ يَضُرُّ بِهَا أَوْ بِوَلَدِهَا .
( 3 ) وَالِاعْتِبَارُ بِالْحَيْضِ وَبِالْحَمْلِ فِي احْتِسَابِ الْعِدَّةِ .
( 4 ) وَالِامْتِنَاعُ عَنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ , وَعَنْ دُخُولِ الْمَسْجِدِ , وَعَنْ تَمْكِينِ زَوْجِهَا مِنْهَا أَثْنَاءَ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ .
( 5 ) وَوُجُوبُ الْغُسْلِ عِنْدَ انْقِطَاعِ دَمِ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ . وَهَذَا فِي الْجُمْلَةِ , وَيُنْظَرُ تَفْصِيلُ ذَلِكَ فِي ( حَيْضٍ , حَمْلٍ , نِفَاسٍ , رَضَاعٍ ) .
لَبَنُ الْأُنْثَى :
18 - لَا يَخْتَلِفُ لَبَنُ الْأُنْثَى بِالنِّسْبَةِ لِطَهَارَتِهِ عَنْ لَبَنِ الذَّكَرِ - لَوْ كَانَ لَهُ لَبَنٌ - فَلَبَنُ الْأُنْثَى طَاهِرٌ بِاتِّفَاقٍ . وَلَكِنَّهُ يَخْتَلِفُ عَنْهُ فِي أَنَّ لَبَنَ الْأُنْثَى يَتَعَلَّقُ بِهِ مَحْرَمِيَّةُ الرَّضَاعِ . أَمَّا الرَّجُلُ فَلَوْ كَانَ لَهُ لَبَنٌ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ التَّحْرِيمُ . وَلِلتَّفْصِيلِ يُنْظَرُ ( الرَّضَاعُ , وَالنِّكَاحُ ) .
خِصَالُ الْفِطْرَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلْأُنْثَى :
19 - تَخْتَصُّ الْمَرْأَةُ مِنْ خِصَالِ الْفِطْرَةِ بِأَنَّهُ يُسَنُّ لَهَا إزَالَةُ لِحْيَتِهَا لَوْ نَبَتَتْ . وَالسُّنَّةُ فِي عَانَتِهَا النَّتْفُ . وَلَا يَجِبُ خِتَانُهَا فِي وَجْهٍ وَإِنَّمَا هُوَ مَكْرُمَةٌ . وَتُمْنَعُ مِنْ حَلْقِ رَأْسِهَا .
عَوْرَةُ الْأُنْثَى :
20 - يَرَى الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ أَنَّ بَدَنَ الْأُنْثَى الْحُرَّةِ الْبَالِغَةِ كُلَّهُ عَوْرَةٌ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّلَاةِ عَدَا الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ , وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلْوَجْهِ , وَفِي رِوَايَةٍ بِالنِّسْبَةِ لِلْكَفَّيْنِ , وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى هُمَا عَوْرَةٌ . وَاخْتَلَفَ الْحَنَفِيَّةُ فِي ظَاهِرِ الْكَفَّيْنِ , فَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ هُمَا عَوْرَةٌ , وَفِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ : الْأَصَحُّ أَنَّهُمَا لَيْسَا بِعَوْرَةٍ , وَاعْتَمَدَهُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ . وَأَمَّا الْقَدَمَانِ فَهُمَا عَوْرَةٌ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ غَيْرَ الْمُزَنِيِّ , وَهُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ , وَهُوَ رَأْيُ بَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ . وَالْمُعْتَمَدُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُمَا لَيْسَتَا بِعَوْرَةٍ , وَهُوَ رَأْيُ الْمُزَنِيِّ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ , وَالشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ ابْنِ تَيْمِيَّةَ مِنْ الْحَنَابِلَةِ . وَتَفْصِيلُ ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ ( عَوْرَةٍ ) . وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ بَدَنَ الْمَرْأَةِ عَوْرَةٌ قَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم : { الْمَرْأَةُ عَوْرَةٌ } وَقَوْلُهُ : { لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةَ حَائِضٍ إلَّا بِخِمَارٍ } وَالْمُرَادُ بِالْحَائِضِ الْبَالِغَةُ .
انْتِقَاضُ الْوُضُوءِ بِلَمْسِ الْأُنْثَى :
21 - يَخْتَلِفُ الْفُقَهَاءُ فِي انْتِقَاضِ الْوُضُوءِ بِلَمْسِ الرَّجُلِ لِلْأُنْثَى الْمُشْتَهَاةِ . فَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ , وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ أَنَّ الْوُضُوءَ لَا يُنْتَقَضُ بِاللَّمْسِ ; لِرِوَايَةِ عَائِشَةَ رضي الله تعالى عنها { أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَبَّلَ بَعْضَ نِسَائِهِ , ثُمَّ صَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ } وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَعَطَاءٍ وَطَاوُسٍ وَالْحَسَنِ وَمَسْرُوقٍ . وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ يُنْتَقَضُ الْوُضُوءُ بِاللَّمْسِ إنْ قَصَدَ اللَّذَّةَ أَوْ وَجَدَهَا حِينَ اللَّمْسِ , وَهُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ أَحْمَدَ رحمه الله , وَهُوَ أَنَّ لَمْسَ النِّسَاءِ لِشَهْوَةٍ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ , وَلَا يُنْتَقَضُ الْوُضُوءُ إنْ كَانَ اللَّمْسُ بِغَيْرِ شَهْوَةٍ . وَهُوَ قَوْلُ عَلْقَمَةَ وَأَبِي عُبَيْدَةَ وَالنَّخَعِيِّ وَالْحَكَمِ وَحَمَّادٍ وَالثَّوْرِيِّ وَإِسْحَاقَ وَالشَّعْبِيِّ . وَالْقُبْلَةُ بِالْفَمِ تَنْقُضُ مُطْلَقًا عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ , أَيْ دُونَ تَقْيِيدٍ بِقَصْدِ اللَّذَّةِ أَوْ وُجْدَانِهَا , إلَّا إذَا كَانَتْ لِوَدَاعٍ أَوْ رَحْمَةٍ فَلَا تَنْقُضُ . وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ , وَفِي رِوَايَةٍ ثَالِثَةٍ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ : أَنَّ اللَّمْسَ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ بِكُلِّ حَالٍ ; لِعُمُومِ قوله تعالى : { أَوْ لَامَسْتُمْ النِّسَاءَ } . وَلَا يُنْتَقَضُ الْوُضُوءُ بِلَمْسِ الْأُنْثَى الصَّغِيرَةِ الَّتِي لَا تُشْتَهَى , وَذَلِكَ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ . وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ فِيهِ الْأَقْوَالُ السَّابِقَةُ . وَلَا يُنْتَقَضُ الْوُضُوءُ كَذَلِكَ بِلَمْسِ الْمَحْرَمِ عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ , وَفِي الْأَظْهَرِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ , وَهُوَ عَلَى الرِّوَايَاتِ السَّابِقَةِ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ . يُنْظَرُ تَفْصِيلُ ذَلِكَ فِي ( وُضُوءٍ ) .
حُكْمُ دُخُولِ الْمَرْأَةِ الْحَمَّامَاتِ الْعَامَّةِ .
22 - يَنْبَنِي حُكْمُ دُخُولِ النِّسَاءِ الْحَمَّامَاتِ الْعَامَّةِ عَلَى كَشْفِ الْعَوْرَةِ وَسِتْرِهَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ , فَإِنْ كَانَتْ الْعَوْرَةُ مَسْتُورَةً , وَلَا تَرَى وَاحِدَةٌ عَوْرَةَ الْأُخْرَى فَالدُّخُولُ جَائِزٌ , وَإِلَّا كَانَ الدُّخُولُ مَكْرُوهًا تَحْرِيمًا , كَمَا يَقُولُ الْحَنَفِيَّةُ , وَغَيْرُ جَائِزٍ كَمَا يَقُولُ الْمَالِكِيَّةُ . وَلَمْ يَسْتَحْسِنْهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ مُطْلَقًا , وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ قِيلَ : يُكْرَهُ . وَقِيلَ : يَحْرُمُ وَلَمْ يُجَوِّزْهُ الْحَنَابِلَةُ ; لِمَا رُوِيَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : { سَتُفْتَحُ عَلَيْكُمْ أَرْضُ الْعَجَمِ , وَسَتَجِدُونَ فِيهَا حَمَّامَاتٍ , فَامْنَعُوا نِسَاءَكُمْ إلَّا حَائِضًا أَوْ نُفَسَاءَ } . وَعَلَى ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهَا دُخُولُ الْحَمَّامِ لِعُذْرٍ مِنْ حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ أَوْ مَرَضٍ .
الْمُحَافَظَةُ عَلَى مَظَاهِرِ الْأُنُوثَةِ :
23 - يَعْتَنِي الْإِسْلَامُ بِجَعْلِ الْأُنْثَى تُحَافِظُ عَلَى مَظَاهِرِ أُنُوثَتِهَا , فَحَرَّمَ عَلَيْهَا التَّشَبُّهَ بِالرِّجَالِ فِي أَيِّ مَظْهَرٍ مِنْ لِبَاسٍ أَوْ حَدِيثٍ أَوْ أَيِّ تَصَرُّفٍ . وَقَدْ لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمُتَشَبِّهَاتِ مِنْ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ . وَفِي الطَّبَرَانِيِّ { أَنَّ امْرَأَةً مَرَّتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُتَقَلِّدَةً قَوْسًا , فَقَالَ : لَعَنَ اللَّهُ الْمُتَشَبِّهَاتِ مِنْ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ , وَالْمُتَشَبِّهِينَ مِنْ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ } . وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ الْقَيِّمِ أَنَّ مِنْ الْكَبَائِرِ : تَرَجُّلَ الْمَرْأَةِ وَتَخَنُّثَ الرَّجُلِ . وَقَدْ أَبَاحَ لَهَا الْإِسْلَامُ أَنْ تَتَّخِذَ مِنْ وَسَائِلِ الزِّينَةِ مَا يَكْفُلُ لَهَا الْمُحَافَظَةَ عَلَى أُنُوثَتِهَا , فَيَحِلُّ ثَقْبُ أُذُنِهَا لِتَعْلِيقِ الْقُرْطِ فِيهِ . يَقُولُ الْفُقَهَاءُ : لَا بَأْسَ بِثَقْبِ آذَانِ النِّسْوَانِ , وَلَا بَأْسَ بِثَقْبِ آذَانِ الْأَطْفَالِ مِنْ الْبَنَاتِ ; لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ فِي زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ غَيْرِ إنْكَارٍ , يَقُولُ ابْنُ الْقَيِّمِ : الْأُنْثَى مُحْتَاجَةٌ لِلْحِلْيَةِ فَثَقْبُ الْأُذُنِ مَصْلَحَةٌ فِي حَقِّهَا . وَيُبَاحُ لَهَا التَّزَيُّنُ بِلُبْسِ الْحَرِيرِ وَالذَّهَبِ دُونَ الرِّجَالِ ; لِأَنَّهُ مِنْ زِينَةِ النِّسَاءِ , فَقَدْ رَوَى أَبُو مُوسَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : { حَرَامٌ لِبَاسُ الْحَرِيرِ وَالذَّهَبِ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي , وَأُحِلَّ لِإِنَاثِهِمْ } قَالَ ابْنُ قُدَامَةَ : أُبِيحَ التَّحَلِّي فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ لِحَاجَتِهَا إلَى التَّزَيُّنِ لِلزَّوْجِ وَالتَّجَمُّلِ عِنْدَهُ . كَذَلِكَ يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَخْضِبَ يَدَيْهَا , وَأَنْ تُعَلِّقَ الْخَرَزَ فِي شَعْرِهَا , وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنْ ضُرُوبِ الزِّينَةِ .
وُجُوبُ التَّسَتُّرِ وَعَدَمُ الِاخْتِلَاطِ بِالرِّجَالِ الْأَجَانِبِ :
24 - إذَا خَرَجَتْ الْمَرْأَةُ لِحَاجَتِهَا لَا تَخْرُجُ إلَّا مُتَسَتِّرَةً . قَالَ ابْنُ عَابِدِينَ : وَحَيْثُ أَبَحْنَا لَهَا الْخُرُوجَ فَإِنَّمَا يُبَاحُ بِشَرْطِ عَدَمِ الزِّينَةِ , وَعَدَمِ تَغْيِيرِ الْهَيْئَةِ إلَى مَا يَكُونُ دَاعِيَةً لِنَظَرِ الرِّجَالِ وَالِاسْتِمَالَةِ , قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : { وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى } . قَالَ مُجَاهِدٌ : كَانَتْ الْمَرْأَةُ تَخْرُجُ تَمْشِي بَيْنَ يَدَيْ الرِّجَالِ , فَذَلِكَ تَبَرُّجُ الْجَاهِلِيَّةِ . وَقَالَ قَتَادَةَ : كَانَتْ لَهُنَّ مِشْيَةُ تَكَسُّرٍ وَتَغَنُّجٍ , فَنَهَى اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَنْ ذَلِكَ . وَلَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الثِّيَابُ الَّتِي تَظْهَرُ بِهَا أَمَامَ النَّاسِ مِمَّا يَظْهَرُ مَعَهُ شَيْءٌ مِنْ جَسَدِهَا الْوَاجِبِ سِتْرُهُ , وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ يَشِفُّ عَمَّا تَحْتَهُ ; لِأَنَّهُ إذَا اسْتَبَانَ جَسَدُهَا كَانَتْ كَاسِيَةً عَارِيَّةً حَقِيقَةً . وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ : { سَيَكُونُ فِي آخِرِ أُمَّتِي نِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَّاتٌ , عَلَى رُءُوسِهِنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ , الْعَنُوهُنَّ فَإِنَّهُنَّ مَلْعُونَاتٌ } . وَفِي الْفَوَاكِهِ الدَّوَانِي : لَا يَلْبَسُ النِّسَاءُ مِنْ الرَّقِيقِ مَا يَصِفُهُنَّ إذَا خَرَجْنَ مِنْ بُيُوتِهِنَّ , وَالْخُرُوجُ لَيْسَ بِقَيْدٍ , وَحَاصِلُ الْمَعْنَى : أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الْمَرْأَةِ لُبْسُ مَا يُرَى مِنْهُ جَسَدُهَا بِحَضْرَةِ مَنْ لَا يَحِلُّ لَهُ النَّظَرُ . وَلَا يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَأْتِيَ مِنْ الْأَعْمَالِ مَا يُلْفِتُ النَّظَرَ إلَيْهَا وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الِافْتِتَانُ بِهَا , قَالَ تَعَالَى : { وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ } قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ : كَانَتْ الْمَرْأَةُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ إذَا كَانَتْ تَمْشِي فِي الطَّرِيقِ , وَفِي رِجْلِهَا خَلْخَالٌ صَامِتٌ لَا يُعْلَمُ صَوْتُهُ , ضَرَبَتْ بِرِجْلِهَا الْأَرْضَ فَيَسْمَعُ الرِّجَالُ طَنِينَهُ , فَنَهَى اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الْمُؤْمِنَاتِ عَنْ مِثْلِ ذَلِكَ , وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ شَيْءٌ مِنْ زِينَتِهَا مَسْتُورًا , فَتَحَرَّكَتْ بِحَرَكَةٍ لِتُظْهِرَ مَا هُوَ خَفِيٌّ دَخَلَ فِي هَذَا النَّهْيِ لقوله تعالى : { وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ } . وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّهَا تُنْهَى عَنْ التَّعَطُّرِ وَالتَّطَيُّبِ عِنْدَ خُرُوجِهَا مِنْ بَيْتِهَا فَيَشُمُّ الرِّجَالُ طِيبَهَا , فَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم { كُلُّ عَيْنٍ زَانِيَةٌ , وَالْمَرْأَةُ إذَا اسْتَعْطَرَتْ فَمَرَّتْ بِالْمَجْلِسِ فَهِيَ كَذَا وَكَذَا } يَعْنِي زَانِيَةً . وَمِنْ ذَلِكَ أَيْضًا أَنَّهُنَّ يُنْهَيْنَ عَنْ الْمَشْيِ فِي وَسَطِ الطَّرِيقِ ; لِمَا رَوَى حَمْزَةُ بْنُ أَبِي أُسَيْدٍ الْأَنْصَارِيُّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ { سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ خَارِجٌ مِنْ الْمَسْجِدِ , وَقَدْ اخْتَلَطَ النِّسَاءُ مَعَ الرِّجَالِ فِي الطَّرِيقِ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِلنِّسَاءِ : اسْتَأْخِرْنَ , فَإِنَّهُ لَيْسَ لَكُنَّ أَنْ تَحْقُقْنَ الطَّرِيقَ , عَلَيْكُنَّ بِحَافَّاتِ الطَّرِيقِ } . وَلَا تَجُوزُ خَلْوَةُ الْمَرْأَةِ بِالْأَجْنَبِيِّ وَلَوْ فِي عَمَلٍ , وَالْمُرَادُ بِالْخَلْوَةِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا أَنْ تَكُونَ الْمَرْأَةُ مَعَ الرَّجُلِ فِي مَكَان يَأْمَنَانِ فِيهِ مِنْ دُخُولِ ثَالِثٍ . ( ر : خَلْوَةٌ ) . قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ : أَكْرَهُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ الرَّجُلُ امْرَأَةً حُرَّةً يَسْتَخْدِمُهَا وَيَخْلُو بِهَا ; لِأَنَّ الْخَلْوَةَ بِالْمَرْأَةِ الْأَجْنَبِيَّةِ مَعْصِيَةٌ . وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : { لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إلَّا كَانَ الشَّيْطَانُ ثَالِثَهُمَا } . وَيُمْنَعُ الِاخْتِلَاطُ الْمُرِيبُ بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ عَلَى مَا سَبَقَ تَفْصِيلُهُ فِي مُصْطَلَحِ ( اخْتِلَاطٌ ) .
الْأَحْكَامُ الَّتِي تَخُصُّ النِّسَاءَ بِالنِّسْبَةِ لِلْعِبَادَةِ :
25 - الْأَصْلُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ فِي أَهْلِيَّةِ الْعِبَادَةِ . إلَّا أَنَّهُ نَظَرًا لِكَوْنِهَا مَأْمُورَةً بِالتَّسَتُّرِ وَعَدَمِ الِاخْتِلَاطِ الْمُرِيبِ بِالرِّجَالِ الْأَجَانِبِ فَإِنَّهَا تَخْتَصُّ بِبَعْضِ الْأَحْكَامِ فِي عِبَادَاتِهَا . وَمِنْ ذَلِكَ :
( 1 ) الْأَذَانُ وَالْإِقَامَةُ : فَالْأَصْلُ أَنَّهَا لَا تُؤَذِّنُ وَلَا تُقِيمُ ( ر : أَذَانٌ . إقَامَةٌ ) .
( 2 ) وَلَا تَؤُمُّ الرِّجَالَ , بَلْ يُكْرَهُ لَهَا عِنْدَ بَعْضِ الْمَذَاهِبِ أَنْ تَؤُمَّ النِّسَاءَ . ( ر : إمَامَةٌ ) .
( 3 ) وَمِنْهَا صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ بِإِمَامَةِ إحْدَاهُنَّ , فَالْأَصْلُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ أَنَّ الْجَمَاعَةَ غَيْرُ مَشْرُوعَةٍ لَهُنَّ فِي تِلْكَ الْحَالِ , خِلَافًا لِلشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ الْقَائِلِينَ بِنَدْبِهَا لَهُنَّ , وَلَوْ لَمْ يَؤُمَّهُنَّ رِجَالٌ . وَتَفْصِيلُ ذَلِكَ يُنْظَرُ فِي ( صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ ) .
( 4 ) وَمِنْهَا حُضُورُ الْمَرْأَةِ الْجُمُعَةَ وَالْعِيدَيْنِ وَصَلَاةَ الْجَمَاعَةِ مَعَ الرِّجَالِ : فَيَجُوزُ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ حُضُورُ الْمَرْأَةِ صَلَاةَ الْجَمَاعَةِ مَعَ الرِّجَالِ فِي الْمَسْجِدِ , وَكَذَا حُضُورُهَا الْجُمُعَةَ وَالْعِيدَيْنِ . وَانْظُرْ لِلتَّفْصِيلِ ( صَلَاةَ الْجَمَاعَةِ . صَلَاةَ الْجُمُعَةِ . صَلَاةَ الْعِيدَيْنِ ) .
هـ - ( هَيْئَتُهَا فِي الصَّلَاةِ ) :
26 - الْأَصْلُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ فِي عَمَلِ الْعِبَادَاتِ , إلَّا أَنَّ الْمَرْأَةَ تَخْتَصُّ بِبَعْضِ الْهَيْئَاتِ فِي الصَّلَاةِ , وَذَلِكَ كَمَا يَأْتِي : يُسْتَحَبُّ أَنْ تَجْمَعَ الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا فِي الرُّكُوعِ , فَتَضُمَّ مِرْفَقَيْهَا إلَى الْجَنْبَيْنِ وَلَا تُجَافِيهِمَا , وَتَنْحَنِيَ قَلِيلًا فِي رُكُوعِهَا , وَلَا تَعْتَمِدَ , وَلَا تُفَرِّجَ بَيْنَ أَصَابِعِهَا , بَلْ تَضُمُّهَا , وَتَضَعُ يَدَيْهَا عَلَى رُكْبَتَيْهَا , وَتَحْنِي رُكْبَتَهَا , وَتُلْصِقُ مِرْفَقَيْهَا بِرُكْبَتَيْهَا . وَفِي سُجُودِهَا تَفْتَرِشُ ذِرَاعَيْهَا , وَتَنْضَمُّ وَتَلْزَقُ بَطْنَهَا بِفَخِذَيْهَا ; لِأَنَّ ذَلِكَ أَسْتُرُ لَهَا , فَلَا يُسَنُّ لَهَا التَّجَافِي كَالرِّجَالِ ; لِحَدِيثِ زَيْدِ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ { أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مَرَّ عَلَى امْرَأَتَيْنِ تُصَلِّيَانِ , فَقَالَ : إذَا سَجَدْتُمَا فَضُمَّا بَعْضَ اللَّحْمِ إلَى بَعْضٍ , فَإِنَّ الْمَرْأَةَ لَيْسَتْ فِي ذَلِكَ كَالرَّجُلِ } . وَلِأَنَّهَا عَوْرَةٌ فَالْأَلْيَقُ بِهَا الِانْضِمَامُ . كَذَلِكَ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُكَثِّفَ جِلْبَابَهَا وَتُجَافِيَهُ رَاكِعَةً وَسَاجِدَةً , لِئَلَّا تَصِفَهَا ثِيَابُهَا , وَأَنْ تَخْفِضَ صَوْتَهَا , وَتَجْلِسَ مُتَرَبِّعَةً ; لِأَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَأْمُرُ النِّسَاءَ أَنْ يَتَرَبَّعْنَ فِي الصَّلَاةِ , أَوْ تَسْدُلَ رِجْلَيْهَا عَنْ يَمِينِهَا , وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ التَّرَبُّعِ ; لِأَنَّهُ غَالِبُ فِعْلِ عَائِشَةَ رضي الله تعالى عنها وَأَشْبَهُ بِجِلْسَةِ الرَّجُلِ , وَهُوَ مَا قَالَهُ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ وَالْإِمَامُ أَحْمَدُ . كَمَا أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَنْصَرِفَ النِّسَاءُ عَقِبَ الصَّلَاةِ قَبْلَ الرِّجَالِ , حَتَّى لَا يَخْتَلِطْنَ بِالرِّجَالِ . فَقَدْ رَوَتْ أُمُّ سَلَمَةَ قَالَتْ : { كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إذَا سَلَّمَ قَامَ النِّسَاءُ حِينَ يَقْضِي تَسْلِيمَهُ , وَهُوَ يَمْكُثُ فِي مَكَانِهِ يَسِيرًا قَبْلَ أَنْ يَقُومَ . قَالَتْ : نَرَى - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّ ذَلِكَ كَانَ لِكَيْ يَنْصَرِفَ النِّسَاءُ قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَهُنَّ الرِّجَالُ } .
و - ( الْحَجُّ ) :
27 - مَا يَتَّصِلُ بِفَرْضِ الْحَجِّ عَلَى الْمَرْأَةِ أَمْرَانِ : الْأَوَّلُ : بِالنِّسْبَةِ لِلْوُجُوبِ . وَبَيَانُ ذَلِكَ كَمَا يَأْتِي : مِنْ الْمُقَرَّرِ أَنَّ الِاسْتِطَاعَةَ - بِالزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ وَغَيْرِهِمَا - مِنْ شَرَائِطِ وُجُوبِ الْحَجِّ مُطْلَقًا , وَيُزَادُ عَلَى ذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَرْأَةِ : أَنْ يَكُونَ مَعَهَا زَوْجٌ أَوْ مَحْرَمٌ ; لِلْأَحَادِيثِ الَّتِي وَرَدَتْ فِي ذَلِكَ , وَهَذَا بِاتِّفَاقٍ . لَكِنَّ الْفُقَهَاءَ يَخْتَلِفُونَ فِي وُجُوبِ الْحَجِّ عَلَى الْمَرْأَةِ دُونَ زَوْجٍ أَوْ مَحْرَمٍ . فَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ , وَالْمَذْهَبُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ : أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا الْحَجُّ ; لِأَنَّهَا إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهَا زَوْجٌ وَلَا مَحْرَمٌ لَا يُؤْمَنُ عَلَيْهَا , إذْ النِّسَاءُ لَحْمٌ عَلَى وَضَمٍ , إلَّا مَا ذُبَّ عَنْهُ . وَفِي ذَلِكَ خِلَافٌ وَتَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي ( حَجٍّ ) . وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ لِحَجِّ الْفَرِيضَةِ , أَمَّا النَّفَلُ فَلَا يَجُوزُ لَهَا الْخُرُوجُ لَهُ دُونَ الزَّوْجِ أَوْ الْمَحْرَمِ . الثَّانِي : بِالنِّسْبَةِ لِبَعْضِ الْأَعْمَالِ فَالْمَرْأَةُ كَالرَّجُلِ فِي أَرْكَانِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ , إلَّا أَنَّهَا تَخْتَلِفُ عَنْهُ فِي بَعْضِ الْأَعْمَالِ وَمِنْ ذَلِكَ : - أَنَّهَا تَلْبَسُ الْمَخِيطَ كَالْقَمِيصِ وَالْقَبَاءِ وَالسَّرَاوِيلِ وَالْخُفَّيْنِ وَمَا هُوَ أَسْتَرُ لَهَا ; لِأَنَّ بَدَنَهَا عَوْرَةٌ , وَلَا تَنْتَقِبُ وَلَا تَلْبَسُ الْقُفَّازَيْنِ . وَفِي ذَلِكَ خِلَافٌ وَتَفْصِيلٌ ( ر : إحْرَامٌ ) . - وَلَيْسَ عَلَى الْمَرْأَةِ رَمَلٌ فِي طَوَافِهَا , وَلَا إسْرَاعٌ بَيْنَ الْمِيلَيْنِ الْأَخْضَرَيْنِ فِي السَّعْيِ , وَلَيْسَ عَلَيْهَا اضْطِبَاعٌ أَيْضًا . وَالْمَشْرُوعُ لِلْمَرْأَةِ التَّقْصِيرُ دُونَ الْحَلْقِ . ( ر : حَجٌّ ) . - وَلَا تَرْفَعُ الْمَرْأَةُ صَوْتَهَا بِالتَّلْبِيَةِ إلَّا بِمِقْدَارِ مَا تُسْمِعُ رَفِيقَتَهَا . ( ر : حَجٌّ . تَلْبِيَةٌ ) .
ز - ( الْخُرُوجُ مِنْ الْمَنْزِلِ ) :
28 - إذَا كَانَتْ الْمَرْأَةُ مُتَزَوِّجَةً فَإِنَّهَا تَرْتَبِطُ فِي خُرُوجِهَا مِنْ الْمَنْزِلِ بِإِذْنِ زَوْجِهَا . وَقَدْ رَوَى ابْنُ عُمَرَ قَالَ { : رَأَيْت امْرَأَةً أَتَتْ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا حَقُّ الزَّوْجِ عَلَى زَوْجَتِهِ ؟ قَالَ : حَقُّهُ عَلَيْهَا أَنْ لَا تَخْرُجَ مِنْ بَيْتِهَا إلَّا بِإِذْنِهِ , فَإِنْ فَعَلَتْ لَعَنَهَا اللَّهُ وَمَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ وَمَلَائِكَةُ الْغَضَبِ حَتَّى تَتُوبَ أَوْ تَرْجِعَ } ; وَلِأَنَّ حَقَّ الزَّوْجِ وَاجِبٌ , فَلَا يَجُوزُ تَرْكُهُ بِمَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ . وَخُرُوجُ الزَّوْجَةِ مِنْ غَيْرِ إذْنِ زَوْجِهَا يَجْعَلُهَا نَاشِزًا , وَيُسْقِطُ حَقَّهَا فِي النَّفَقَةِ فِي الْجُمْلَةِ , لَكِنْ لَا يَنْبَغِي لِلزَّوْجِ أَنْ يَمْنَعَ زَوْجَتَهُ مِنْ زِيَارَةِ أَبَوَيْهَا وَعِيَادَتِهِمَا ; لِأَنَّ عَدَمَ الزِّيَارَةِ نَوْعٌ مِنْ الْعُقُوقِ وَقَطِيعَةِ الرَّحِمِ . كَذَلِكَ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَمْنَعَهَا مِنْ الصَّلَاةِ فِي الْمَسْجِدِ وَحُضُورِ الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ وَدُرُوسِ الْوَعْظِ ; لِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم : { لَا تَمْنَعُوا إمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهِ } وَفِي رِوَايَةٍ : { إذَا اسْتَأْذَنَتْ أَحَدَكُمْ امْرَأَتُهُ إلَى الْمَسْجِدِ فَلَا يَمْنَعْهَا } . لَكِنْ هَذَا مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا أَمِنَ عَلَيْهَا , وَكَانَ لَا يَخْشَى الْفِتْنَةَ مِنْ خُرُوجِهَا , فَإِنْ كَانَ يَخْشَى الْفِتْنَةَ فَلَهُ مَنْعُهَا . وَكَرِهَ مُتَأَخِّرُو الْحَنَفِيَّةِ خُرُوجَهَا وَلَوْ عَجُوزًا لِفَسَادِ الزَّمَانِ ; لِمَا رُوِيَ عَنْ السَّيِّدَةِ عَائِشَةَ رضي الله تعالى عنها قَالَتْ : لَوْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَأَى مَا أَحْدَثَ النِّسَاءُ لَمَنَعَهُنَّ الْمَسْجِدَ كَمَا مُنِعَتْ نِسَاءُ بَنِي إسْرَائِيلَ .
ح - التَّطَوُّعُ بِالْعِبَادَاتِ :
29 - الزَّوْجَةُ مُرْتَبِطَةٌ كَذَلِكَ بِإِذْنِ الزَّوْجِ فِي التَّطَوُّعِ بِالْعِبَادَاتِ , فَلَا يَجُوزُ لَهَا إذَا كَانَ زَوْجُهَا حَاضِرًا أَنْ تَتَطَوَّعَ بِصَلَاةٍ أَوْ صَوْمٍ أَوْ حَجٍّ أَوْ اعْتِكَافٍ بِدُونِ إذْنِهِ , إذَا كَانَ ذَلِكَ يَشْغَلُهَا عَنْ حَقِّهِ ; لِأَنَّ حَقَّ الزَّوْجِ فَرْضٌ , فَلَا يَجُوزُ تَرْكُهُ بِنَفْلٍ ; وَلِأَنَّ لَهُ حَقَّ الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا , وَلَا يُمْكِنُهُ ذَلِكَ أَثْنَاءَ الصَّوْمِ أَوْ الْحَجِّ أَوْ الِاعْتِكَافِ , وَقَدْ رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله تعالى عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : { لَا يَحِلُّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَصُومَ وَزَوْجُهَا شَاهِدٌ أَيْ حَاضِرٌ إلَّا بِإِذْنِهِ } . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ . فَإِنْ تَطَوَّعَتْ بِصَوْمٍ أَوْ حَجٍّ أَوْ اعْتِكَافٍ دُونَ إذْنِهِ فَلَهُ أَنْ يُفْطِرَهَا فِي الصَّوْمِ , وَيُحَلِّلَهَا مِنْ الْحَجِّ , وَيُخْرِجَهَا مِنْ الِاعْتِكَافِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَفْوِيتِ حَقِّ غَيْرِهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ , فَكَانَ لِرَبِّ الْحَقِّ الْمَنْعُ . وَهَذَا بِاتِّفَاقٍ , وَاسْتَثْنَى
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://mazika28.ahlamontada.com
 
موسوعة فقه العبادات
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» موسوعة فقه العبادات
» موسوعة فقه العبادات
» موسوعة فقه العبادات
» موسوعة فقه العبادات
» موسوعة فقه العبادات

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتــــــــــــدى العـــــــــــــلم و المعـــــــــــــرفة  :: منتدى المكتبة الاسلامية-
انتقل الى: