منتــــــــــــدى العـــــــــــــلم و المعـــــــــــــرفة
اهلا و سهلا بزوارنا الكرام
منتــــــــــــدى العـــــــــــــلم و المعـــــــــــــرفة
اهلا و سهلا بزوارنا الكرام
منتــــــــــــدى العـــــــــــــلم و المعـــــــــــــرفة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتــــــــــــدى العـــــــــــــلم و المعـــــــــــــرفة

ما فائدة القلم إذا لم يفتح فكرا..أو يضمد جرحا..أو يرقا دمعة..أو يطهر قلبا..أو يكشف زيفا..أو يبني صرحا..يسعد الإنسان في ضلاله..
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 موسوعة فقه العبادات

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبد الحميد
المدير
عبد الحميد


عدد المساهمات : 487
نقاط : 1984
تاريخ التسجيل : 24/01/2012
العمر : 64

موسوعة فقه العبادات Empty
مُساهمةموضوع: موسوعة فقه العبادات   موسوعة فقه العبادات 36_1_710السبت فبراير 04, 2012 8:54 pm

التّعريف :
1 - الأقلف : هو الّذي لم يختن ، والمرأة قلفاء ، والفقهاء يخصّون أحكام الأقلف بالرّجل دون المرأة . ويقابل الأقلف في المعنى : المختون .
وإزالة القلفة من الأقلف تسمّى ختاناً في الرّجل ، وخفضاً في المرأة .
حكمه التّكليفيّ :
2 - اتّفق الفقهاء على أنّ إزالة القلفة من الأقلف من سنن الفطرة ، لتضافر الأحاديث على ذلك ، ومنها قوله صلى الله عليه وسلم : « الفطرة خمس : الختان ، والاستحداد ، وقصّ الشّارب ، وتقليم الأظافر ، ونتف الإبط » . كما سيأتي تفصيل ذلك في ( ختان ) .
وذهب الشّافعيّة وأحمد بن حنبلٍ إلى أنّ الختان فرض . وهو قول ابن عبّاسٍ وعليّ بن أبي طالبٍ والشّعبيّ وربيعة الرّأي والأوزاعيّ ويحيى بن سعيدٍ وغيرهم ، وعلى هذا فإنّ الأقلف تارك فرضٍ ، ومنهم من ذهب إلى أنّه سنّة كأبي حنيفة والمالكيّة ، وهو قول الحسن البصريّ .
3 - يختصّ الأقلف ببعض الأحكام :
أ - ردّ شهادته عند الحنفيّة إن كان تركه الاختتان لغير عذرٍ . وهو ما يفهم من مذهبي الشّافعيّة والحنابلة ، لأنّهم يقولون بوجوب الاختتان ، وترك الواجب فسق ، وشهادة الفاسق مردودة . وذهب المالكيّة إلى كراهة شهادته .
ب - جواز ذبيحة الأقلف وصيده ، لأنّه لا أثر للفسق في الذّبيحة والصّيد ، ولذلك فقد ذهب الجمهور - وهو الصّحيح عند الحنابلة - إلى أنّ ذبيحة الأقلف وصيده يؤكلان ، لأنّ ذبيحة النّصرانيّ تؤكل فهذا أولى . وروي عن ابن عبّاسٍ ، وعكرمة وأحمد بن حنبلٍ أنّ ذبيحة الأقلف لا تؤكل ، وقد بيّن الفقهاء ذلك في كتاب الذّبائح والصّيد .
ج - إذا كان الاختتان - إزالة القلفة - فرضاً ، أو سنّةً ، فلو أزالها إنسان بغير إذن صاحبها فلا ضمان عليه .
د - اتّفق الفقهاء على أنّه إذا كان هناك حرج في غسل ما تحت القلفة فلا يطلب تطهيرها دفعاً للحرج .
أمّا إذا كان تطهيرها ممكناً من غير حرجٍ فالشّافعيّة والحنابلة يوجبون تطهير ما تحت القلفة في الغسل والاستنجاء ، لأنّها واجبة الإزالة ، وما تحتها له حكم الظّاهر .
وذهب الحنفيّة إلى استحباب غسلها في الغسل والاستنجاء ، ويفهم من عبارة مواهب الجليل أنّ المالكيّة لا يرون وجوب غسل ما تحت القلفة .
هـ – ذهب الشّافعيّة والحنابلة ، وهم من يقولون بوجوب تطهير ما تحت القلفة ، إلى أنّه إذا لم يغسل ما تحتها لا تصحّ طهارته ، وبالتّالي لا تصحّ إمامته .
وأمّا الحنفيّة فتصحّ إمامته عندهم مع الكراهة التّنزيهيّة ، والمالكيّة يرون جواز إمامة الأقلف ، ولكنّهم يرون كراهة تعيينه إماماً راتباً ، ومع هذا لو صلّى النّاس خلفه لم يعيدوا صلاتهم .
==============
ألية *
التّعريف :
1 - الألية : هي العجيزة ، أو ما ركب العجز من لحمٍ وشحمٍ .
ولا يختلف المعنى عند الفقهاء عن ذلك ، فقد قالوا : إنّها اللّحم النّاتئ بين الظّهر والفخذ . والفخذ يلي الرّكبة ، وفوقه الورك ، وفوقه الألية .
الحكم الإجماليّ ومواطن البحث :
2 - يتعلّق بالألية عدّة أحكامٍ في مواضع متفرّقةٍ من أبواب الفقه منها :
أ - في نواقض الوضوء : يرى الحنفيّة والشّافعيّة أنّ المتوضّئ إذا نام ومكّن أليته من الأرض فلا ينتقض وضوءه ، لأمن خروج ما ينتقض به وضوءه .
ولم يعتبر المالكيّة هيئة النّائم ، بل المعتبر عندهم صفة النّوم وحدها ثقلاً أو خفّةً ، والحنابلة ينظرون إلى صفة النّوم وهيئة النّائم معاً ، فمتى كان النّائم ممكّناً مقعدته من الأرض فلا ينقض إلاّ النّوم الكثير .
ب - في الأضحيّة : يختلف الفقهاء في إجزاء الشّاة إن كانت دون أليةٍ ، وتسمّى البتراء أو مقطوعة الذّنب ، ولهم في ذلك أربعة أقوالٍ :
الأوّل : عدم الإجزاء مطلقاً ، وهو قول المالكيّة .
الثّاني : الإجزاء إن كانت مخلوقةً دون أليةٍ ، أمّا مقطوعة الألية فإنّها لا تجزئ ، وهو الأصحّ عند الشّافعيّة .
الثّالث : التّفريق بين ما إذا قطع الأكثر أو الأقلّ ، فإن قطع الأكثر تجزئ ، وتجزئ إن بقي الأكثر ، لأنّ للأكثر حكم الكلّ بقاءً وذهاباً ، وهو قول الحنفيّة .
الرّابع : الإجزاء مطلقاً . وهو قول الحنابلة . وممّن كان لا يرى بأساً بالبتراء : ابن عمر وسعيد بن المسيّب والحسن وسعيد بن جبيرٍ والحكم .
ج - وفي الجناية على الألية عمداً القصاص عند جمهور الفقهاء ، لأنّ لها حدّاً تنتهي إليه . وقال المزنيّ : لا قصاص فيها ، لأنّها لحم متّصل بلحمٍ ، فأشبه لحم الفخذ .
فإن كانت الجناية خطأً ففي الألية نصف ديةٍ وفي الأليتين الدّية الكاملة عند أغلب الفقهاء . وقال المالكيّة : في الألية حكومة عدلٍ ، سواء أكانت ألية رجلٍ أم ألية امرأةٍ ، هذا باستثناء أشهب ، فإنّه فرّق بين ألية الرّجل وألية المرأة ، فأوجب في الأولى حكومةً ، وفي الثّانية الدّية ، لأنّها أعظم على المرأة من ثديها .
وبالإضافة إلى المواضع السّابقة يتكلّم الفقهاء عنها عند الافتراش في قعدات الصّلاة ، وعند التّورّك . وفي تكفين الميّت يتكلّمون عن شدّ الأليين غرفة بعد وضع قطنٍ بينهما ، ليؤمن من خروج شيءٍ من الميّت .
===============
أمرد *
التّعريف :
1 - الأمرد في اللّغة من المرد ، وهو نقاء الخدّين من الشّعر ، يقال : مرد الغلام مرداً : إذا طرّ شاربه ولم تنبت لحيته .
وفي اصطلاح الفقهاء هو : من لم تنبت لحيته ، ولم يصل إلى أوان إنباتها في غالب النّاس والظّاهر أنّ طرور الشّارب وبلوغه مبلغ الرّجال ليس بقيدٍ ، بل هو بيان لغايته ، وأنّ ابتداءه حين بلوغه سنّاً تشتهيه النّساء .
الألفاظ ذات الصّلة :
الأجرد :
2 - الأجرد في اللّغة هو : من لا شعر على جسده ، والمرأة جرداء . وفي الاصطلاح : الّذي ليس على وجهه شعر ، وقد مضى أوان طلوع لحيته . ويقال له في اللّغة أيضاً : ثطّ وأثطّ . ( ر : أجرد ) أمّا إذا كان على جميع بدنه شعر فهو : أشعر .
المراهق :
3 - إذا قارب الغلام الاحتلام ولم يحتلم فهو مراهق . فيقال : جارية مراهقة ، وغلام مراهق ، ويقال أيضاً : جارية راهقة وغلام راهق .
الأحكام الإجماليّة المتعلّقة بالأمرد :
أوّلاً : النّظر والخلوة :
4 - إن كان الأمرد غير صبيحٍ ولا يفتن ، فقد نصّ الحنفيّة والشّافعيّة على أنّه يأخذ حكم غيره من الرّجال . أمّا إن كان صبيحاً حسناً يفتن ، وضابطه أن يكون جميلاً بحسب طبع النّاظر ولو كان أسود ، لأنّ الحسن يختلف باختلاف الطّباع فله في هذه الصّورة حالتان : الأولى : أن يكون النّظر والخلوة وغير ذلك من الأمور المتعلّقة بالأمر بلا قصد الالتذاذ ، والنّاظر مع ذلك آمن الفتنة ، كنظر الرّجل إلى ولده أو أخيه الأمرد الصّبيح ، فهو في غالب الأحوال لا يكون بتلذّذٍ ، فهذا مباح ولا إثم فيه عند جمهور الفقهاء .
الثّانية : أن يكون ذلك بلذّةٍ وشهوةٍ ، فالنّظر إليه حرام .
وقد ذكر الحنفيّة والشّافعيّة أنّ الأمرد يلحق بالمرأة في النّظر إن كان بشهوةٍ ، ولو مع الشّكّ في وجودها ، وحرمة النّظر إليه بشبهةٍ أعظم إثماً ، قالوا : لأنّ خشية الفتنة به عند بعض النّاس أعظم منها .
أمّا الخلوة بالأمرد فهي كالنّظر ، بل أقرب إلى المفسدة حتّى رأى الشّافعيّة حرمة خلوة الأمرد بالأمرد وإن تعدّد ، أو خلوة الرّجل بالأمرد وإن تعدّد . نعم إن لم تكن هناك ريبة فلا تحرم كشارعٍ ومسجدٍ مطروقٍ .
ثانياً : مصافحة الأمرد :
5 - جمهور الفقهاء على حرمة مسّ ومصافحة الأمرد الصّبيح بقصد التّلذّذ ، وذلك لأنّ المسّ بشهوةٍ عندهم كالنّظر بل أقوى وأبلغ منه .
ويرى الحنفيّة كراهة مسّ الأمرد ومصافحته .
ثالثاً : انتقاض الوضوء بمسّ الأمرد :
6 - يرى المالكيّة ، وهو قول للإمام أحمد إنّه ينتقض الوضوء بلمس الأمرد الصّبيح لشهوةٍ . ويرى الشّافعيّة ، وهو القول الآخر لأحمد عدم انتقاضه .
رابعاً : إمامة الأمرد :
7 - جمهور الفقهاء ( الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة ) على أنّه تكره الصّلاة خلف الأمرد الصّبيح ، وذلك لأنّه محلّ فتنةٍ . ولم نجد نصّاً للمالكيّة في هذه المسألة .
خامساً : ما يراعى في التّعامل مع الأمرد وتطبيبه :
8 - التّعامل مع الأمرد الصّبيح من غير المحارم ينبغي أن يكون مع شيءٍ من الحذر غالباً ولو في مقام تعليمهم وتأديبهم لما فيه من الآفات .
وعند الحاجة إلى معاملة الأمرد للتّعليم أو نحوه ينبغي الاقتصار على قدر الحاجة ، وبشرط السّلامة وحفظ قلبه وجوارحه عند التّعامل معهم ، وحملهم على الجدّ والتّأدّب ومجانبة الانبساط معهم . والأصل : أنّ كلّ ما كان سبباً للفتنة فإنّه لا يجوز ، حيث يجب سدّ الذّريعة إلى الفساد إذا لم يعارضها مصلحة .
=============
أنعام *
التّعريف :
1 - الأنعام لغةً : جمع مفرده نعم ، وهي ذوات الخفّ والظّلف ، وهي الإبل ، والبقر ، والغنم ، وأكثر ما يقع على الإبل . والنّعم مذكّر ، فيقال هذا نعم وارد .
والأنعام تذكّر وتؤنّث ، ونقل النّوويّ عن الواحديّ : اتّفاق أهل اللّغة على إطلاقه على الإبل ، والبقر ، والغنم . وقيل تطلق الأنعام على هذه الثّلاثة ، فإذا انفردت الإبل فهي نعم ، وإن انفردت البقر والغنم لم تسمّ نعماً .
وعند الفقهاء الأنعام هي الإبل ، والبقر ، والغنم سمّيت نعماً لكثرة نعم اللّه تعالى فيها على خلقه بالنّموّ ، والولادة ، واللّبن ، والصّوف ، والوبر ، والشّعر ، وعموم الانتفاع .
الأحكام المتعلّقة بالأنعام ، ومواطن البحث :
2 - تجب الزّكاة في الأنعام إن بلغت نصاباً باتّفاق الفقهاء .
روى أبو ذرٍّ رضي الله عنه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم أنّه قال : « ما من صاحب إبلٍ ولا بقرٍ ولا غنمٍ لا يؤدّي زكاتها إلاّ جاءت يوم القيامة أعظم ما كانت وأسمن تنطحه بقرونها وتطؤه بأخفافها ، كلّما نفذت أخراها عادت عليه أولاها حتّى يقضى بين النّاس » .
وتفصيل النّصاب في الأنعام بأنواعها الثّلاثة والواجب فيها ينظر في ( الزّكاة ) .
ولا يشرع الهدي والأضحيّة ونحوهما من الذّبائح المسمّاة المطلوبة شرعاً كالعقيقة إلاّ من الأنعام ، لقول اللّه تعالى : { ويذكروا اسم اللّه في أيّامٍ معلوماتٍ على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير } . والأفضل في الهدي الإبل ثمّ البقر ثمّ الغنم ، لما روى أبو هريرة رضي الله عنه أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال : « من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثمّ راح فكأنّما قرّب بدنةً ، ومن راح في السّاعة الثّانية فكأنّما قرّب بقرةً ، ومن راح في السّاعة الثّالثة فكأنّما قرّب كبشاً أقرن ، ومن راح في السّاعة الرّابعة فكأنّما قرّب دجاجةً ، ومن راح في السّاعة الخامسة فكأنّما قرّب بيضةً »
وللأنعام الّتي تجعل هدياً أو عقيقةً أو أضحيّةً أحكام خاصّة تنظر في مصطلحاتها .
ويحلّ ذبح الأنعام وأكلها في الحلّ والحرم ، وحالة الإحرام بخلاف الصّيد من الحيوان الوحشيّ ، وبخلاف ما حرم منها من الميتة ونحوها ممّا تفصيله في ( أطعمةٍ ) ، لقول اللّه سبحانه : { أحلّت لكم بهيمة الأنعام إلاّ ما يتلى عليكم غير محلّي الصّيد وأنتم حرم }
والأفضل في تذكية الأنعام : النّحر في الإبل ، والذّبح في البقر والغنم . وبالإضافة إلى ما تقدّم يتكلّم الفقهاء عن وسم إبل الصّدقة عند كلامهم في قسم الصّدقات . وفي خيار الرّدّ بالتّصرية عند من يقول به ، نرى أنّ البعض يجعل الخيار خاصّاً بالنّعم دون غيرها ، والبعض يخيّر في ردّ المصرّاة من نعمٍ وغيره ، وتفصيل ذلك يذكره الفقهاء في خيار العيب .
==============
أهليّة *
التّعريف :
1 - الأهليّة مصدر صناعيّ لكلمة ( أهلٍ ) ومعناها لغةً - كما في أصول البزدويّ - : الصّلاحيّة .
ويتّضح تعريف الأهليّة في الاصطلاح من خلال تعريف نوعيها : أهليّة الوجوب ، وأهليّة الأداء . فأهليّة الوجوب هي : صلاحيّة الإنسان لوجوب الحقوق المشروعة له وعليه . وأهليّة الأداء هي : صلاحيّة الإنسان لصدور الفعل منه على وجهٍ يعتدّ به شرعاً .
الألفاظ ذات الصّلة :
أ - التّكليف :
2 - التّكليف معناه في اللّغة : إلزام ما فيه كلفة ومشقّة .
وهو في الاصطلاح كذلك ، حيث قالوا التّكليف إلزام المخاطب بما فيه كلفة ومشقّة من فعلٍ أو تركٍ . فالأهليّة وصف للمكلّف .
ب - الذّمّة :
3 - الذّمّة معناها في اللّغة : العهد والضّمان والأمان .
وأمّا في الاصطلاح فإنّها : وصف يصيّر الشّخص به أهلاً للإلزام والالتزام .
فالفرق بين الأهليّة والذّمّة : أنّ الأهليّة أثر لوجود الذّمّة .
مناط الأهليّة ومحلّها :
4 - الأهليّة بمعناها المتقدّم مناطها أي محلّها الإنسان ، من حيث الأطوار الّتي يمرّ بها ، فإنّه في البداية يكون جنيناً في بطن أمّه ، فتثبت له أحكام الأهليّة الخاصّة بالجنين ، وبعد الولادة إلى سنّ التّمييز يكون طفلاً ، فتثبت له أحكام الأهليّة الخاصّة بالطّفل ، وبعد التّمييز تثبت له أحكام الأهليّة الخاصّة بالمميّز إلى أن يصل به الأمر إلى سنّ البلوغ ، فتثبت له الأهليّة الكاملة ، ما لم يمنع من ذلك مانع ، كطروء عارضٍ يمنع ثبوت تلك الأهليّة الكاملة له ، وسيأتي بيان ذلك عند الكلام على أقسام الأهليّة وعوارضها .
أقسام الأهليّة وأنواعها :
5 - الأهليّة قسمان : أهليّة وجوبٍ ، وأهليّة أداءً . وأهليّة الوجوب قد تكون كاملةً ، وقد تكون ناقصةً . وكذا أهليّة الأداء ، وبيان ذلك فيما يلي :
أوّلاً : أهليّة الوجوب :
6 - سبق أنّ معنى أهليّة الوجوب : صلاحيّة الشّخص لوجوب الحقوق المشروعة له وعليه معاً ، أو له ، أو عليه .
وأهليّة الوجوب تنقسم فروعها وتتعدّد بحسب انقسام الأحكام ، فالصّبيّ أهل لبعض الأحكام ، وليس بأهلٍ لبعضها أصلاً ، وهو أهل لبعضها بواسطة رأي الوليّ ، فكانت هذه الأهليّة منقسمةً نظراً إلى أفراد الأحكام ، وأصلها واحد ، وهو الصّلاح للحكم ، فمن كان أهلاً لحكم الوجوب بوجهٍ كان هو أهلاً للوجوب ، ومن لا فلا
ومبنى أهليّة الوجوب هذه على الذّمّة ، أي أنّ هذه الأهليّة لا تثبت إلاّ بعد وجود ذمّةٍ صالحةٍ ، لأنّ الذّمّة هي محلّ الوجوب ، ولهذا يضاف إليها ولا يضاف إلى غيرها بحالٍ ، ولهذا اختصّ الإنسان بالوجوب دون سائر الحيوانات الّتي ليست لها ذمّة .
وقد أجمع الفقهاء على ثبوت هذه الذّمّة للإنسان منذ ولادته ، حتّى يكون صالحاً لوجوب الحقوق له وعليه ، فيثبت له ملك النّكاح بتزويج الوليّ إيّاه ، ويجب عليه المهر بعقد الوليّ. أنواع أهليّة الوجوب :
7 - أهليّة الوجوب نوعان :
أ - أهليّة الوجوب النّاقصة ، وتتمثّل في الجنين في بطن أمّه ، باعتباره نفساً مستقلّةً عن أمّه ذا حياةٍ خاصّةٍ ، فإنّه صالح لوجوب الحقوق له من وجهٍ كما سيأتي ، لا عليه ، لأنّ ذمّته لم تكتمل ما دام في بطن أمّه .
ب - أهليّة الوجوب الكاملة ، وهي تثبت للإنسان منذ ولادته ، فإنّه تثبت له أهليّة الوجوب الكاملة ، لكمال ذمّته حينئذٍ من كلّ وجهٍ ، فيكون بهذا صالحاً لوجوب الحقوق له وعليه .
ثانياً : أهليّة الأداء :
8 - سبق أنّ أهليّة الأداء هي : صلاحيّة الإنسان لصدور الفعل منه على وجهٍ يعتد به شرعاً . وأهليّة الأداء هذه لا توجد عند الشّخص إلاّ إذا بلغ سنّ التّمييز ، لقدرته حينئذٍ على فهم الخطاب ولو على سبيل الإجمال ، ولقدرته على القيام ببعض الأعباء ، فتثبت له أهليّة الأداء القاصرة ، وهي الّتي تناسبه ما دام نموّه لم يكتمل جسماً وعقلاً ، فإذا اكتمل ببلوغه ورشده ثبتت له أهليّة الأداء الكاملة ، فيكون حينئذٍ أهلاً للتّحمّل والأداء ، بخلاف غير المميّز ، فإنّه لا تثبت له هذه الأهليّة لانتفاء القدرتين عنه .
أنواع أهليّة الأداء :
9 - أهليّة الأداء نوعان :
أ - أهليّة أداءً قاصرة ، وهي الّتي تثبت بقدرةٍ قاصرةٍ .
ب - أهليّة أداءً كاملة ، وهي الّتي تثبت بقدرةٍ كاملةٍ .
والمراد بالقدرة هنا : قدرة الجسم أو العقل ، أو هما معاً ، لأنّ الأداء - كما قال البزدويّ - يتعلّق بقدرتين : قدرة فهم الخطاب وذلك بالعقل ، وقدرة العمل به وهي بالبدن ، والإنسان في أوّل أحواله عديم القدرتين ، لكن فيه استعداد وصلاحيّة لأن توجد فيه كلّ واحدةٍ من القدرتين شيئاً فشيئاً بخلق اللّه تعالى ، إلى أن تبلغ كلّ واحدةٍ منهما درجة الكمال ، فقبل بلوغ درجة الكمال كانت كلّ واحدةٍ منهما قاصرةً ، كما هو الحال في الصّبيّ المميّز قبل البلوغ ، وقد تكون إحداهما قاصرةً ، كما في المعتوه بعد البلوغ ، فإنّه قاصر العقل مثل الصّبيّ ، وإن كان قويّ البدن ، ولهذا ألحق بالصّبيّ في الأحكام .
فالأهليّة الكاملة : عبارة عن بلوغ القدرتين أوّل درجات الكمال ، وهو المراد بالاعتدال في لسان الشّرع . والقاصرة : عبارة عن القدرتين قبل بلوغهما أو بلوغ إحداهما درجة الكمال . ثمّ الشّرع بنى على الأهليّة القاصرة صحّة الأداء ، وعلى الكاملة وجوب الأداء وتوجّه الخطاب ، لأنّه لا يجوز إلزام الإنسان الأداء في أوّل أحواله ، إذ لا قدرة له أصلاً ، وإلزام ما لا قدرة له عليه منتفٍ شرعاً وعقلاً ، وبعد وجود أصل العقل وأصل قدرة البدن قبل الكمال ، ففي إلزام الأداء حرج ، لأنّه يحرج الفهم بأدنى عقله ، ويثقل عليه الأداء بأدنى قدرة البدن ، والحرج منتفٍ أيضاً بقوله تعالى : { وما جَعَلَ عليكم في الدِّينِ من حَرَجٍ } فلم يخاطب شرعاً لأوّل أمره حكمةً ، ولأوّل ما يعقل ويقدر رحمةً ، إلى أن يعتدل عقله وقدرة بدنه ، فيتيسّر عليه الفهم والعمل به .
ثمّ وقت الاعتدال يتفاوت في جنس البشر على وجهٍ يتعذّر الوقوف عليه ، ولا يمكن إدراكه إلاّ بعد تجربةٍ وتكلّفٍ عظيمٍ ، فأقام الشّرع البلوغ الّذي تعتدل لديه العقول في الأغلب مقام اعتدال العقل حقيقةً ، تيسيراً على العباد ، وصار توهّم وصف الكمال قبل هذا الحدّ ، وتوهّم بقاء القصور بعد هذا الحدّ ساقطي الاعتبار ، لأنّ السّبب الظّاهر متى أقيم مقام المعنى الباطن دار الحكم معه وجوداً وعدماً ، وأيّد هذا كلّه قوله عليه السلام : « رفع القلم عن ثلاثٍ : عن الصّبيّ حتّى يحتلم والمجنون حتّى يفيق ، والنّائم حتّى يستيقظ » .
والمراد بالقلم : الحساب ، والحساب إنّما يكون بعد لزوم الأداء ، فدلّ على أنّ ذلك لا يثبت إلاّ بالأهليّة الكاملة ، وهي اعتدال الحال بالبلوغ عن عقلٍ .
أثر الأهليّة في التّصرّفات :
10 - التّصرّفات الّتي تحكمها الأهليّة - سواء أكانت من حقوق اللّه أم من حقوق الآدميّين - تختلف وتتعدّد أحكامها تبعاً لاختلاف نوع الأهليّة ، وتبعاً لاختلاف مراحل النّموّ الّتي يمرّ بها الإنسان الّذي هو مناط تلك الأهليّة ، فالأهليّة - كما سبق - إمّا أهليّة وجوبٍ وإمّا أهليّة أداءً ، وكلّ واحدةٍ منهما قد تكون ناقصةً وقد تكون كاملةً ، ولكلٍّ حكمه .
هذا ، وللوقوف على تلك الأحكام ، لا بدّ أن نتناول تلك المراحل الّتي يمرّ بها الإنسان ، وبيان الأحكام الخاصّة به في كلّ مرحلةٍ من تلك المراحل .
المراحل الّتي يمرّ بها الإنسان :
11 - يمرّ الإنسان من حين نشأته بخمس مراحل أساسيّةٍ ، وهذه المراحل هي :
- 1 - مرحلة ما قبل الولادة ، أي حين يكون جنيناً في بطن أمّه .
- 2 - مرحلة الطّفولة والصّغر ، أي بعد انفصاله عن أمّه ، وقبل بلوغه سنّ التّمييز .
- 3 - مرحلة التّمييز ، أي من حين بلوغه سنّ التّمييز إلى البلوغ .
- 4 - مرحلة البلوغ ، أي بعد انتقاله من سنّ الصّغر إلى سنّ الكبر .
- 5 - مرحلة الرّشد ، أي اكتمال العقل . هذا ، ولكلّ مرحلةٍ من هذه المراحل أحكام خاصّة نذكرها فيما يلي :
المرحلة الأولى - الجنين :
12 - الجنين في اللّغة : مأخوذ من الاجتنان ، وهو الخفاء ، وهو وصف للولد ما دام في بطن أمّه ، والفقهاء في تعريفهم للجنين لا يخرجون عن هذا المعنى ، إذ معناه عندهم : وصف للولد ما دام في البطن .
والجنين إذا نظر إليه من جهة كونه كالجزء من أمّه يتغذّى بغذائها يحكم بعدم استقلاله ، فلا تثبت له ذمّة ، وبالتّالي فلا يجب له ولا عليه شيء .
وإذا نظر إليه من جهة كونه نفساً مستقلّةً بحياةٍ خاصّةٍ يحكم بثبوت الذّمّة له ، وبذلك يكون أهلاً لوجوب الحقوق له وعليه . ولمّا لم يمكن ترجيح إحدى الجهتين على الأخرى من كلّ وجهٍ ، فإنّ الشّرع عامله من جهة كونه جزءاً من أمّه بعدم أهليّته للوجوب عليه ، وعامله من جهة كونه نفساً مستقلّةً بحياةٍ خاصّةٍ بكونه أهلاً للوجوب له ، وبهذا لا يكون للجنين أهليّة وجوبٍ كاملةً ، بل أهليّة وجوبٍ ناقصةً .
13 - وقد اتّفق الفقهاء على إثبات بعض الحقوق للجنين ، كحقّه في النّسب ، وحقّه في الإرث ، وحقّه في الوصيّة ، وحقّه في الوقف .
فأمّا حقّه في النّسب من أبيه : فإنّه لو تزوّج رجل وأتت امرأته بولدٍ ثبت نسبه منه ، إذا توافرت شروط ثبوت النّسب المبيّنة في موضعها . ر : ( نسب ) .
وأمّا حقّه في الإرث : فهو ثابت بإجماع الصّحابة كما جاء في الفتاوى الهنديّة وقد اتّفق الفقهاء على استحقاق الحمل للإرث متى قام به سبب استحقاقه وتوافرت فيه شروطه . وكذلك اتّفق الفقهاء على صحّة الوصيّة له . وأمّا حقّه في الوقف : فقد أجاز الحنفيّة والمالكيّة الوقف عليه ، قياساً على الوصيّة ، ويستحقّه إن استهلّ .
ولم يجوّز الشّافعيّة الوقف عليه ، لأنّ الوقف تسليط في الحال بخلاف الوصيّة .
وأمّا الحنابلة فلا يصحّ عندهم الوقف على حملٍ أصالةً ، كأن يقف داره على ما في بطن هذه المرأة ، لأنّه تمليك ، والحمل لا يصحّ تمليكه بغير الإرث والوصيّة ، أمّا إذا وقف على الحمل تبعاً لمن يصحّ الوقف عليه ، كأن يقف على أولاده ، أو على أولاد فلانٍ وفيهم حمل ، فإنّ الوقف يشمله عندهم .
المرحلة الثّانية - الطّفولة :
14 - تبدأ هذه المرحلة من حين انفصال الجنين عن أمّه حيّاً ، وتمتدّ إلى سنّ التّمييز ، ففي هذه المرحلة تثبت للمولود الذّمّة الكاملة ، فيصير أهلاً للوجوب له وعليه ، أمّا أهليّته للوجوب له فهي ثابتة حتّى قبل الولادة - كما سبق - فتثبت له بعدها بطريق الأولى ، بل صرّح الشّافعيّة : بأنّ له يداً واختصاصاً كالبالغ .
وأمّا أهليّته للوجوب عليه ففيها تفصيل يأتي . ووجوب الحقوق الثّابتة على الطّفل في هذه المرحلة ، المراد منه : حكمه ، وهو الأداء عنه ، فكلّ ما يمكن أداؤه عنه يجب عليه ، وما لا فلا . وإنّما قيّد الأداء بالممكن ، لأنّ الطّفل في هذه المرحلة ، وإن كان يجب عليه كافّة الحقوق كالبالغ ، إلاّ أنّه يعامل بما يناسبه في هذه المرحلة ، لضعف بنيته ، ولعدم قدرته على مباشرة الأداء بنفسه ، فيؤدّي عنه وليّه ما أمكن أداؤه عنه ، ولهذا فإنّ العلماء ذكروا تفصيلاً في الحقوق الواجبة عليه ، الّتي تؤدّى عنه ، سواء أكانت من حقوق اللّه أم حقوق العباد ، كما ذكروا أيضاً حكم أقواله وأفعاله . وبيان ذلك فيما يلي :
أوّلاً : حقوق العباد :
15 - حقوق العباد أنواع : منها ما يجب أداؤه عن الطّفل لوجوبه عليه ، ومنها ما لا يجب عليه ولا يؤدّى عنه . فحقوق العباد الواجبة والّتي تؤدّى عنه هي :
أ - ما كان المقصود منه المال ويحتمل النّيابة ، فإنّه يؤدّي عنه ، لوجوبه عليه كالغرم والعوض .
ب - ما كان صلةً شبيهةً بالمؤن كنفقة القريب ، أو كان صلةً شبيهةً بالأعواض كنفقة الزّوجة ، فإنّه يؤدّى عنه
وأمّا حقوق العباد الّتي لا تجب عليه لا تجب عليه ولا تؤدّى عنه فهي :
أ - الصّلة الشّبيهة بالأجزية كتحمّل الدّية مع العاقلة ، فلا تجب عليه .
ب - العقوبات كالقصاص ، أو الأجزية الشّبيهة بها كالحرمان من الميراث ، فلا تجب عليه .
ثانياً : حقوق اللّه تعالى :
16 - هذه الحقوق أيضاً منها ما يجب على الطّفل ، ومنها ما لا يجب .
فالحقوق الّتي هي مئونة محضة كالعشر والخراج تجب عليه ، وتؤدّى عنه ، لأنّ المقصود منها المال ، فتثبت في ذمّته ، ويمكن أداؤه عنه .
وأمّا العبادات فلا تجب عليه ، سواء أكانت بدنيّةً أم ماليّةً .
أمّا البدنيّة كالصّلاة والصّوم والحجّ والجهاد وغيرها ، فإنّها لا تجب عليه لعجزه عن الفهم وضعف بدنه .
وأمّا الماليّة ، فإن كانت زكاة فطرٍ ، فإنّها تجب في ماله عند أبي حنيفة وأبي يوسف والمالكيّة والشّافعيّة والحنابلة ، ولا تجب عليه عند محمّدٍ وزفر من الحنفيّة .
وإن كانت زكاة مالٍ ، فإنّها تجب في ماله عند جمهور الفقهاء ، لأنّها ليست عبادةً خالصةً بل فيها معنى المئونة ، أوجبها اللّه تعالى على الأغنياء حقّاً للمحتاجين ، فتصحّ فيها النّيابة كما في زكاة الفطر ، ولا تجب عليه عند فقهاء الحنفيّة ، لأنّها عندهم عبادة خالصة ، وتحتاج إلى النّيّة ، ولا تصحّ فيها النّيابة .
وأمّا إن كانت حقوق اللّه عقوباتٍ كالحدود ، فإنّها لا تلزمه ولا تجب عليه ، كما لم تلزمه العقوبات الّتي هي حقوق العباد كالقصاص ، لأنّ العقوبة إنّما وضعت جزاءً للتّقصير ، وهو لا يوصف به .
ثالثاً : أقواله وأفعاله :
17 - أقوال الصّبيّ وأفعاله غير معتبرةٍ ، ولا يترتّب عليها حكم ، لأنّه ما دام لم يميّز فلا اعتداد بأقواله وأفعاله .
المرحلة الثّالثة : التّمييز :
18 - التّمييز في اللّغة مأخوذ من : مزته ميزاً ، من باب باع ، وهو : عزل الشّيء وفصله من غيره . ويكون في المشتبهات والمختلطات ، ومعنى تميّز الشّيء : انفصاله عن غيره ، ومن هنا فإنّ الفقهاء يقولون : سنّ التّمييز ، ومرادهم بذلك : تلك السّنّ الّتي إذا انتهى إليها عرف مضارّه ومنافعه ، وكأنّه مأخوذ من ميّزت الأشياء : إذا فرّقتها بعد المعرفة بها ، وبعض النّاس يقولون : التّمييز قوّة في الدّماغ يستنبط بها المعاني .
وهذه المرحلة تبدأ ببلوغ الصّبيّ سبع سنين ، وهو سنّ التّمييز كما حدّده جمهور الفقهاء ، وتنتهي بالبلوغ ، فتشمل المراهق وهو الّذي قارب البلوغ .
ففي هذه المرحلة يصبح عند الصّبيّ مقدار من الإدراك والوعي يسمح له بمباشرة بعض التّصرّفات ، فتثبت له أهليّة الأداء القاصرة ، لأنّ نموّه البدنيّ والعقليّ لم يكتملا بعد ، وبعد اكتمالهما تثبت له أهليّة الأداء الكاملة ، لأنّ أهليّة الأداء الكاملة لا تثبت إلاّ باكتمال النّموّ البدنيّ والنّموّ العقليّ ، فمن لم يكتمل نموّه البدنيّ والعقليّ معاً ، أو لم يكتمل فيه نموّ أحدهما فأهليّة الأداء فيه تكون قاصرةً .
فالمعتوه كالصّبيّ ، لعدم اكتمال العقل فيه ، وإن كان كاملاً من النّاحية البدنيّة ، بخلاف أهليّة الوجوب ، فإنّها تثبت كاملةً منذ الولادة ، فالطّفل أهل للوجوب له وعليه ، كما سبق . وللتّمييز أثره في التّصرّفات ، فالصّبيّ المميّز يجوز له بأهليّته القاصرة مباشرة بعض التّصرّفات وتصحّ منه ، لأنّ الثّابت مع الأهليّة القاصرة صحّة الأداء ، ويمنع من مباشرة بعض التّصرّفات الأخرى ، وخاصّةً تلك الّتي يعود ضررها عليه ، فلا تصحّ منه .
ومن التّصرّفات أيضاً ما يمتنع على الصّبيّ المميّز أن يباشرها بنفسه ، بل لا بدّ فيها من إذن الوليّ .
وفيما يلي ما قاله الفقهاء في ذلك على سبيل الإجمال ، أمّا التّفصيل ففي مصطلح ( تمييزٍ ) .
تصرّفات الصّبيّ المميّز :
19 - التّصرّفات الّتي يباشرها الصّبيّ المميّز ، إمّا أن تكون في حقوق اللّه تعالى ، وفي هذه الحالة إمّا : أن تكون تلك الحقوق عباداتٍ وعقائد ، أو حقوقاً ماليّةً ، أو عقوباتٍ ، وإمّا : أن تكون تلك التّصرّفات في حقوق العباد ، وهي إمّا : ماليّة أو غير ماليّةٍ .
أ - حقوق اللّه تعالى :
20 - أمّا العبادات البدنيّة كالصّلاة ، فلا خلاف بين العلماء في عدم وجوبها عليه إلاّ أنّه يؤمر بأدائها في سنّ السّابعة ، ويضرب على تركها في سنّ العاشرة ، لقوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه عمرو بن شعيبٍ عن أبيه عن جدّه : « مروا صبيانكم بالصّلاة لسبع سنين ، واضربوهم عليها لعشر سنين ، وفرّقوا بينهم في المضاجع »
وأمّا العقائد كالإيمان ، فقد ذهب الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة إلى أنّه يصحّ من الصّبيّ ، فيعتبر إيمانه ، لأنّه خير محض ، وخالف في ذلك الشّافعيّة فقالوا : إنّ إسلامه لا يصحّ حتّى يبلغ ، لحديث : « رفع القلم عن ثلاثٍ ومنها عن الصّبيّ حتّى يبلغ ... »
وأمّا ردّته ، فقد ذهب الشّافعيّة والحنابلة وأبو يوسف من الحنفيّة إلى عدم صحّة ردّته ، لأنّها ضرر محض .
وذهب أبو حنيفة ومحمّد والمالكيّة إلى الحكم بصحّة ردّته ، وتجري عليه أحكام المرتدّين ما عدا القتل . ونقل في التّتارخانيّة والمنتقى رجوع أبي حنيفة إلى قول أبي يوسف .
وأمّا حقوق اللّه سبحانه وتعالى الماليّة كالزّكاة ، فإنّها تجب في ماله عند المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة ، ولا تجب في ماله عند الحنفيّة . وأمّا العقوبات المتعلّقة بحقوق اللّه سبحانه وتعالى كحدّ السّرقة وغيره ، فإنّها لا تقام على الصّبيّ ، وهذا محلّ اتّفاقٍ عند الفقهاء .
ب - حقوق العباد :
21 - أمّا الماليّة منها كضمان المتلفات وأجرة الأجير ونفقة الزّوجة والأقارب ونحو ذلك فإنّها تجب في ماله ، لأنّ المقصود منها هو المال ، وأداؤه يحتمل النّيابة ، فيصحّ للصّبيّ المميّز أداؤه ، فإن لم يؤدّه أدّاه وليّه .
وأمّا ما كان منها عقوبة القصاص ، فإنّه لا يجب عليه عند الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة ، لأنّ فعل الصّبيّ لا يوصف بالتّقصير ، فلا يصلح سبباً للعقوبة لقصور معنى الجناية في فعله ، ولكن تجب في فعله الدّية ، لأنّها وجبت لعصمة المحلّ ، والصّبا لا ينفي عصمة المحلّ ، ولأنّ المقصود من وجوبها المال ، وأداؤه قابل للنّيابة ، ووجوب الدّية في ماله عند الحنفيّة ، وعلى عاقلته عند المالكيّة والحنابلة .
وخالف الشّافعيّة في ذلك على الأصحّ عندهم ، حيث قالوا : إنّ عمد الصّبيّ في الجنايات عمد ، فتغلظ عليه الدّية ، ويحرم إرث من قتله .
22 - أمّا تصرّفاته الماليّة ، ففيها تفصيل على النّحو الآتي :
- 1 - تصرّفات نافعة له نفعاً محضاً ، وهي الّتي يترتّب عليها دخول شيءٍ في ملكه من غير مقابلٍ ، مثل قبول الهبة والصّدقة والوصيّة والوقف ، وهذه تصحّ منه ، دون توقّفٍ على إجازة الوليّ أو الوصيّ ، لأنّها خير على كلّ حالٍ .
- 2 - تصرّفات ضارّة بالصّغير ضرراً محضاً ، وهي الّتي يترتّب عليها خروج شيءٍ من ملكه من غير مقابلٍ ، كالهبة والصّدقة والوقف وسائر التّبرّعات والطّلاق والكفالة بالدّين ، وهذه لا تصحّ منه ، بل تقع باطلةً ، ولا تنعقد ، حتّى ولو أجازها الوليّ أو الوصيّ ، لأنّهما لا يملكان مباشرتها في حقّ الصّغير فلا يملكان إجازتها .
- 3 - تصرّفات دائرة بين النّفع والضّرر بحسب أصل وضعها ، كالبيع والإجارة وسائر المعاوضات الماليّة ، وهذه يختلف الفقهاء فيها :
فعند الحنفيّة يصحّ صدورها منه ، باعتبار ما له من أصل الأهليّة ، ولاحتمال أنّ فيها نفعاً له ، إلاّ أنّها تكون موقوفةً على إجازة الوليّ أو الوصيّ لنقص أهليّته ، فإذا أجازها نفذت ، وإن لم يجزها بطلت .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://mazika28.ahlamontada.com
 
موسوعة فقه العبادات
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» موسوعة فقه العبادات
» موسوعة فقه العبادات
» موسوعة فقه العبادات
» موسوعة فقه العبادات
» موسوعة فقه العبادات

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتــــــــــــدى العـــــــــــــلم و المعـــــــــــــرفة  :: منتدى المكتبة الاسلامية-
انتقل الى: