منتــــــــــــدى العـــــــــــــلم و المعـــــــــــــرفة
اهلا و سهلا بزوارنا الكرام
منتــــــــــــدى العـــــــــــــلم و المعـــــــــــــرفة
اهلا و سهلا بزوارنا الكرام
منتــــــــــــدى العـــــــــــــلم و المعـــــــــــــرفة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتــــــــــــدى العـــــــــــــلم و المعـــــــــــــرفة

ما فائدة القلم إذا لم يفتح فكرا..أو يضمد جرحا..أو يرقا دمعة..أو يطهر قلبا..أو يكشف زيفا..أو يبني صرحا..يسعد الإنسان في ضلاله..
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 موسوعة فقه العبادات

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبد الحميد
المدير
عبد الحميد


عدد المساهمات : 487
نقاط : 1984
تاريخ التسجيل : 24/01/2012
العمر : 64

موسوعة فقه العبادات Empty
مُساهمةموضوع: موسوعة فقه العبادات   موسوعة فقه العبادات 36_1_710السبت فبراير 04, 2012 8:19 pm

الحجّ ، وإن زال المرض أو الحبس قبل الموت لم يجز . وعند الحنابلة وفي قول للشّافعيّة : ليس له أن يستنيب أصلاً ؛ لأنّه لم ييأس من الحجّ بنفسه ، فلا تجوز فيه النّيابة كالصّحيح ، فإن خالف وأحجّ عن نفسه ، لم يجزئه ولو لم يبرأ ؛ لأنّه يرجو القدرة على الحجّ بنفسه فلم يكن به الاستنابة ، وعليه أن يحجّ عن نفسه مرّةً أخرى ، وفي القول الثّاني للشّافعيّة أنّه يجزئه إذا مات ؛ لأنّه لمّا مات تبيّنّا أنّه كان مأيوساً منه . والمشهور عند المالكيّة أنّه لا تجوز النّيابة في الحجّ مطلقاً . وقيل تصحّ النّيابة في الحجّ لغير المستطيع ، قال الباجيّ : تجوز النّيابة للمعضوب كالزّمن والهرم . وقال أشهب : إن آجر صحيح من يحجّ عنه لزمه للخلاف . وسواء فيما مرّ في المذاهب حجّ الفريضة وحجّ النّذر . والعمرة في ذلك كالحجّ .
17 - أمّا بالنّسبة لحجّ التّطوّع فعند الحنفيّة تجوز فيه الاستنابة بعذر وبدون عذر ، وعند الحنابلة إن كان لعذر جاز وإن كان لغير عذر ففيه روايتان : إحداهما يجوز ؛ لأنّها حجّة لا تلزمه بنفسه ، فجاز أن يستنيب فيها كالمعضوب . والرّواية الثّانية لا يجوز ، لأنّه قادر على الحجّ بنفسه ، فلم يجز أن يستنيب فيه كالفرض ، وللشّافعيّة قولان فيما إذا كان بعذر : أحدهما لا يجوز ؛ لأنّه غير مضطرّ إلى الاستنابة فيه ، فلم تجز الاستنابة فيه كالصّحيح ، والثّاني يجوز ، وهو الصّحيح ؛ لأنّ كلّ عبادة جازت النّيابة في فرضها جازت النّيابة في نفلها . وتكره الاستنابة في التّطوّع عن المالكيّة .
18 - وما مرّ إنّما هو بالنّسبة للحيّ . أمّا الميّت فعند الحنابلة والشّافعيّة : من مات قبل أن يتمكّن من أداء الحجّ سقط فرضه ، ولا يجب القضاء عنه ، وإن مات بعد التّمكّن من الأداء ولم يؤدّ لم يسقط الفرض ، ويجب القضاء من تركته ، لما روى بريدة قال : « أتت النّبيّ صلى الله عليه وسلم امرأة فقالت : يا رسول اللّه إنّ أمّي ماتت ، ولم تحجّ فقال لها النّبيّ صلى الله عليه وسلم : حجّي عن أمّك » ، ولأنّه حقّ تدخله النّيابة حال الحياة ، فلم يسقط بالموت ، كدين الآدميّ ، ومثل ذلك الحجّ المنذور ؛ لما روى ابن عبّاس قال : « أتى رجل النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال له : إنّ أختي نذرت أن تحجّ ، وإنّها ماتت ، فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم : لو كان عليها دين أكنت قاضيه ؟ قال : نعم . قال : فاقض اللّه فهو أحقّ بالقضاء » . وعند الحنفيّة والمالكيّة : من مات ولم يحجّ فلا يجب الحجّ عنه ، إلاّ أن يوصي بذلك ، فإذا أوصى حجّ من تركته . وإذا لم يوص بالحجّ عنه ، فتبرّع الوارث بالحجّ بنفسه ، أو بالإحجاج عنه رجلاً جاز ، ولكن مع الكراهة عند المالكيّة .
تأخير الأداء عن وقت الوجوب :
19 - تأخير أداء العبادات عن وقت الوجوب دون عذر يوجب الإثم ، فإن كان من العبادات المؤقّتة بوقت محدّد ، كالصّلاة والصّيام وجب قضاؤها ، وكذلك النّذر المعيّن إذا لم يؤدّ . وإن كانت العبادات وقتها العمر ، كالزّكاة والحجّ فإنّه متى توفّرت شروط الأداء ، كحولان الحول وكمال النّصاب في الزّكاة مع إمكان الأداء ، ولم يتمّ الأداء ترتّب المال في الذّمّة ، وكذلك الحجّ إذا وجدت الاستطاعة الماليّة والبدنيّة ، ولم يؤدّ الحجّ فهو باق في ذمّته . ومثل ذلك الواجبات المطلقة كالنّذور والكفّارات مع اختلاف الفقهاء فيمن مات ، ولم يؤدّ الزّكاة أو الحجّ أو النّذر أو الكفّارة ، وكلّ ما كان واجباً ماليّاً ، وأمكن أداؤه ، ولم يؤدّ حتّى مات المكلّف ، فعند الحنفيّة والمالكيّة لا تؤدّى من تركته ، إلاّ إذا أوصى بها ، فإذا لم يوص فقد سقطت بالنّسبة لأحكام الدّنيا ، وعند الحنابلة والشّافعيّة تؤدّى من تركته وإن لم يوص . وهذا في الجملة وللتّفصيل ( ر : قضاء . حجّ . زكاة . نذر ) . هذا بالنّسبة للعبادات الواجبة سواء كانت مؤقّتةً أو غير مؤقّتة .
20 - أمّا النّفل - سواء منه المطلق أو المترتّب بسبب أو وقت - فقد اختلف الفقهاء في قضائه إذا فات : فعند الحنفيّة والمالكيّة لا يقضى شيء من السّنن سوى سنّة الفجر . واستدلّ الحنفيّة على ذلك بما روت أمّ سلمة « أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم دخل حجرتي بعد العصر ، فصلّى ركعتين ، فقلت : يا رسول اللّه : ما هاتان الرّكعتان اللّتان لم تكن تصلّيهما من قبل ؟ فقال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : ركعتان كنت أصلّيهما بعد الظّهر » ، وفي رواية : « ركعتا الظّهر شغلني عنهما الوفد ، فكرهت أن أصلّيهما بحضرة النّاس ، فيروني . فقلت : أفأقضيهما إذا فاتتا ؟ قال : لا . » وهذا نصّ على أنّ القضاء غير واجب على الأمّة ، وإنّما هو شيء اختصّ به رسول اللّه صلى الله عليه وسلم . وقياس هذا الحديث أنّه لا يجب قضاء ركعتي الفجر أصلاً ، إلاّ أنّا استحسنّا القضاء إذا فاتتا مع الفرض ؛ لأنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم فعلهما مع الفرض ليلة التّعريس ، فنحن نفعل ذلك لنكون على طريقته ، وهذا بخلاف الوتر ؛ لأنّه واجب عند أبي حنيفة ، والواجب ملحق بالفرض في حقّ العمل . وعند الحنابلة قال الإمام أحمد : لم يبلغنا أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قضى شيئاً من التّطوّع إلاّ ركعتي الفجر والرّكعتين بعد العصر ، وقال القاضي وبعض الأصحاب : لا يقضى إلاّ ركعتا الفجر وركعتا الظّهر . وقال ابن حامد : تقضى جميع السّنن الرّواتب ، لأنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قضى بعضها وقسنا الباقي عليه . وفي شرح منتهى الإرادات : يسنّ قضاء الرّواتب إلاّ ما فات مع فرضه وكثر فالأولى تركه ، إلاّ سنّة فجر ، فيقضيها مطلقاً لتأكّدها . وللشّافعيّة قولان : أحدهما أنّ السّنن الرّاتبة لا تقضى ؛ لأنّها صلاة نفل ، فلم تقض ، كصلاة الكسوف والاستسقاء ، والثّاني تقضى لقوله صلى الله عليه وسلم : « من نام عن صلاة أو سها فليصلّها إذا ذكرها . » 21 - وأمّا قضاء سنّة الفجر إذا فاتت فعند الحنفيّة لا تقضى إلاّ إذا فاتت مع الفجر ، وإذا فاتت وحدها فلا تقضى . وعند جمهور الفقهاء تقضى سواء فاتت وحدها أو مع الفجر . واختلف في الوقت الّذي يمتدّ إليه القضاء ، فعند الحنفيّة والمالكيّة : تقضى إلى الزّوال ، وعند الحنابلة إلى الضّحى ، وعند الشّافعيّة تقضى أبداً . وهذا في الجملة . وينظر تفصيل ذلك في مكان آخر ( ر : نفل . قضاء ) .
22 - وما شرع فيه من النّفل المطلق فإنّه يجب إتمامه ، وإذا فسد يقضى . وهذا عند الحنفيّة والمالكيّة . وعند الحنابلة والشّافعيّة يستحبّ الإتمام ولا يجب ، كما أنّه يستحبّ القضاء إلاّ في تطوّع الحجّ والعمرة فيجب إتمامهما إذا شرع فيهما .
الامتناع عن الأداء :
23 - العبادات الواجبة وجوباً عينيّاً أو كفائيّاً كالصّلاة والصّيام والزّكاة والحجّ والجهاد وصلاة الجنازة تعتبر من فرائض الإسلام ومعلومة من الدّين بالضّرورة ، وقد ورد الأمر بها في كثير من آيات القرآن الكريم ، ومن ذلك قوله تعالى : { وأقيموا الصّلاة وآتوا الزّكاة } وقوله تعالى : { كتب عليكم القتال } وقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « بني الإسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلاّ اللّه ، وأنّ محمّداً رسول اللّه ، وإقام الصّلاة وإيتاء الزّكاة ، والحجّ ، وصوم رمضان » . وهذه العبادات يجب على كلّ مكلّف أداؤها على الصّفة الّتي ورد بها الشّرع . ومن امتنع عن أدائها فإن كان جاحداً لها فإنّه يعتبر كافراً يقتل كفراً بعد أن يستتاب . وإن امتنع عن أدائها كسلاً ففي العبادات البدنيّة ، كالصّلاة يؤدّب ويعزّر ، ويترك إلى أن يتضيّق الوقت ، فإن ظلّ على امتناعه قتل حدّاً لا كفراً ، وهذا عند الجمهور . وعند الحنفيّة يحبس أبداً حتّى يصلّي . وفي العبادات الماليّة كالزّكاة إن امتنع عن أدائها بخلاً فإنّها تؤخذ منه كرهاً ، ويقاتل عليها كما فعل أبو بكر رضي الله عنه بمانعي الزّكاة ، أمّا تارك الحجّ كسلاً فسواء أكان على الفور أم على التّراخي فإنّه يترك ، ولكن يؤمر به ويديّن لأنّ شرطه الاستطاعة ، وقد يكون له عذر باطنيّ لم يعرف .
24 - أمّا غير الواجبات من العبادات وهو ما يسمّى مندوباً أو سنّةً أو نافلةً فهو ما يثاب فاعله ولا يذمّ تاركه ، وهذا على الجملة ؛ لأنّ من السّنّة ما يعتبر إظهاراً للدّين ، وتركها يوجب إساءةً وكراهيةً ، وذلك كالجماعة والأذان والإقامة وصلاة العيدين ؛ لأنّها من شعائر الإسلام ، وفي تركها تهاون بالشّرع ، ولذلك لو اتّفق أهل بلدة على تركها وجب قتالهم بخلاف سائر المندوبات ؛ لأنّها تفعل فرادى .
أثر الأداء في العبادات :
25 - أداء العبادة على الوجه المشروع باستيفاء أركانها وشرائطها يستلزم الإجزاء وهذا باتّفاق على تفسير الإجزاء بمعنى الامتثال بالإتيان بالمأمور به . وأنّ ذلك يبرّئ الذّمّة بغير خلاف ، وعلى تفسير الإجزاء بمعنى إسقاط القضاء فالمختار أنّه يستلزمه ، خلافاً لعبد الجبّار المعتزليّ من أنّه لا يستلزمه . والفعل المؤدّى على وجهه المشروع يوصف بالصّحّة ، وإلاّ فبالفساد أو البطلان ، مع تفريق الحنفيّة بين الفاسد والباطل . والصّحّة أعمّ من الإجزاء ؛ لأنّها تكون صفةً للعبادات والمعاملات ، أمّا الإجزاء فلا يوصف به إلاّ العبادات . وإذا كانت العبادات المستجمعة شرائطها وأركانها تبرّئ الذّمّة بلا خلاف فإنّه قد اختلف في ترتّب الثّواب على هذه العبادة أو عدم ترتّبه ، فقيل : إنّه لا يلزم من إبراء الذّمّة ترتّب الثّواب على الفعل ، فإنّ اللّه قد يبرّئ الذّمّة بالفعل ولا يثيب عليه في بعض الصّور ، وهذا هو معنى القبول ، وهذا بناءً على قاعدة أنّ القبول والثّواب غير الإجزاء وغير الفعل الصّحيح . وقيل : إنّه لم يكن في الشّرع واجب صحيح يجزئ إلاّ وهو مقبول مثاب عليه ، كما هو مقتضى قاعدة سعة الثّواب ، والآيات والأحاديث المتضمّنة لوعد المطيع بالثّواب .
أداء الشّهادة حكم أداء الشّهادة :
26 - أداء الشّهادة فرض كفاية ؛ لقول اللّه تعالى : { وأقيموا الشّهادة للّه } ، وقوله : { ولا يأب الشّهداء إذا ما دعوا } ، فإذا تحمّلها جماعة وقام بأدائها منهم من فيه كفاية سقط الأداء عن الباقين ، لأنّ المقصود بها حفظ الحقوق وذلك يحصل ببعضهم ، وإن امتنع الكلّ أثموا جميعاً لقول اللّه تعالى : { ولا تكتموا الشّهادة ومن يكتمها فإنّه آثم قلبه } ، ولأنّ الشّهادة أمانة فلزم الأداء عند الطّلب . وقد يكون أداء الشّهادة فرض عين إذا كان لا يوجد غيره ممّن يقع به الكفاية ، وتوقّف الحقّ على شهادته فإنّه يتعيّن عليه الأداء ؛ لأنّه لا يحصل المقصود إلاّ به . إلاّ أنّه إذا كانت الشّهادة متعلّقةً بحقوق العباد وأسبابها أي في محض حقّ الآدميّ ، وهو ما له إسقاطه كالدّين والقصاص فلا بدّ من طلب المشهود له لوجوب الأداء ، فإذا طلب وجب عليه الأداء ، حتّى لو امتنع بعد الطّلب يأثم ، ولا يجوز له أن يشهد قبل طلب المشهود له ؛ لقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « خير النّاس قرني ، ثمّ الّذين يلونهم ، ثمّ الّذين يلونهم ، ثمّ يفشو الكذب حتّى يشهد الرّجل قبل أن يستشهد » . ولأنّ أداءها حقّ للمشهود له ، فلا يستوفى إلاّ برضاه ، وإذا لم يعلم ربّ الشّهادة بأنّ الشّاهد تحمّلها استحبّ لمن عنده الشّهادة إعلام ربّ الشّهادة بها . وإذا كانت الشّهادة متعلّقةً بحقوق اللّه تعالى ، وفيما سوى الحدود ، كالطّلاق والعتق وغيرها من أسباب الحرمات فيلزمه الأداء حسبةً للّه تعالى عند الحاجة إلى الأداء من غير طلب من أحد من العباد . وأمّا في أسباب الحدود من الزّنا والسّرقة وشرب الخمر فالسّتر أمر مندوب إليه ؛ لقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « من ستر مسلماً ستره اللّه في الدّنيا والآخرة » ، ولأنّه مأمور بدرء الحدّ . وصرّح الحنفيّة بأنّ الأولى السّتر إلاّ إذا كان الجاني متهتّكاً ، وبمثل ذلك قال المالكيّة .
27 - وإذا وجب أداء الشّهادة على إنسان ولكنّه عجز لبعد المسافة ، كأن دعي من مسافة القصر أو كان سيلحقه ضرر في بدنه أو ماله أو أهله فلا يلزمه الأداء لقول اللّه تعالى : { ولا يضارّ كاتب ولا شهيد } ، وقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « لا ضرر ولا ضرار » . ولأنّه لا يلزمه أن يضرّ نفسه لنفع غيره . كذلك قال بعض الفقهاء : لا يجب الأداء إذا كان الحاكم غير عدل ، قال الإمام أحمد : كيف أشهد عند رجل ليس عدلاً ، لا أشهد .
كيفيّة أداء الشّهادة :
28 - يعتبر لفظ الشّهادة في أدائها عند جمهور الفقهاء ، فيقول : أشهد أنّه أقرّ بكذا ونحوه ؛ لأنّ الشّهادة مصدر شهد يشهد ، فلا بدّ من الإتيان بفعلها المشتقّ منها ؛ ولأنّ فيها معنًى لا يحصل في غيرها من الألفاظ ، ولو قال : أعلم أو أتيقّن أو أعرف لم يعتدّ به ولا تقبل شهادته ، إلاّ أنّ من المالكيّة من لم يشترط لأداء الشّهادة صيغةً مخصوصةً بل قالوا : المدار فيها على ما يدلّ على حصول علم الشّاهد بما شهد به كرأيت كذا أو سمعت كذا وهو الأظهر عندهم . ولتحمّل الشّهادة وأدائها شروط تفصيلها في مصطلح ( شهادة ) .
أداء الدّين مفهوم الدّين :
29 - الدّين هو الوصف الثّابت في الذّمّة ، أو هو اشتغال الذّمّة بمال وجب بسبب من الأسباب ، سواء أكان عقداً كالبيع والكفالة والصّلح والخلع ، أم تبعاً للعقد كالنّفقة ، أم بغير ذلك كالغصب والزّكاة وضمان المتلفات ، ويطلق على المال الواجب في الذّمّة مجازاً ، لأنّه يؤول إلى المال . حكم أداء الدّين :
30 - أداء الدّين على الوصف الّذي وجب فرض بالإجماع ؛ لقول اللّه تعالى : { فليؤدّ الّذي اؤتمن أمانته } . وهو يعتبر كما قال بعض الفقهاء من الحوائج الأصليّة . وإذا كان الدّين حالّاً فإنّه يجب أداؤه على الفور عند الطّلب ، ويقال له الدّين المعجّل وذلك متى كان قادراً على الأداء لقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « مطل الغنيّ ظلم » أمّا إذا كان الدّين مؤجّلاً فلا يجب أداؤه قبل حلول الأجل ، لكن لو أدّى قبله صحّ وسقط عن ذمّة المدين . وقد يصبح المؤجّل حالّاً فيجب أداؤه على الفور وذلك بالرّدّة أو بالموت أو بالتّفليس . وللفقهاء تفصيلات كثيرة في ذلك تنظر في ( دين . أجل . إفلاس ) .
كيفيّة أداء الدّين :
31 - الأداء هو تسليم الحقّ لمستحقّه ، وتسليم الحقّ في الدّيون إنّما يكون بأمثالها ؛ لأنّه لا طريق لأداء الدّيون سوى هذا ، ولهذا كان للمقبوض في الصّرف والسّلم حكم عين الحقّ إذ لو لم يكن كذلك لصار استبدالاً ببدل الصّرف ورأس مال السّلم والمسلم فيه قبل القبض وهو حرام ، وكذا له حكم عين الحقّ في غير الصّرف والسّلم ، بدليل أنّه يجبر ربّ الدّين على القبض ، ولو كان غير حقّه لم يجبر عليه ، وفيما لا مثل له ممّا تعلّق بالذّمّة تجب القيمة كما في الغصب والمتلفات . وقيل إنّه في القرض إذا تعذّر المثل فإنّه يجب ردّ المثل في الخلقة والصّورة ؛ لحديث أبي رافع « أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم أمره أن يقضي البكر بالبكر » ؛ ولأنّ ما ثبت في الذّمّة بعقد السّلم ثبت بعقد القرض قياساً على ما له مثل . ويجوز الأداء بالأفضل إذا كان بدون شرط ، لأنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم « استسلف من رجل بكراً فقدمت عليه إبل من إبل الصّدقة فأمر أبا رافع أن يقضي الرّجل بكره ، فرجع إليه رافع فقال : لم أجد فيها إلاّ خياراً رباعيّاً ، فقال : أعطه إيّاه ، إنّ خيار النّاس أحسنهم قضاءً » . ومن طولب بالأداء ببلد آخر فيما لا حمل له ولا مؤنة وجب الأداء .
ما يقوم مقام الأداء
32 - إذا أدّى المدين ما عليه بالصّفة الواجبة سقط عنه الدّين ، وبرئت ذمّته ، ويقوم مقام الأداء في إسقاط الدّين وبراءة الذّمّة إبراء صاحب الدّين للمدين ممّا عليه أو هبته له أو تصدّقه به عليه ، كذلك يقوم مقام الأداء من حيث الجملة الحوالة بالدّين أو المقاصّة ، أو انقضاء المدّة أو الصّلح أو تعجيز العبد نفسه في بدل الكتابة ، وذلك كلّه بالشّروط الخاصّة الّتي ذكرها الفقهاء لكلّ حالة من ضرورة القبول أو عدمه ، وفيما يجوز فيه من الدّيون وما لا يجوز وغير ذلك من الشّروط . وينظر التّفصيل في ذلك في ( إبراء ، دين ، حوالة ، هبة ، إلخ ) .
الامتناع عن الأداء :
33 - من كان عليه دين وكان موسراً فإنّه يجب عليه أداؤه ، فإن ماطل ولم يؤدّ ألزمه الحاكم بالأداء بعد طلب الغرماء ، فإن امتنع حبسه لظلمه بتأخير الحقّ من غير ضرورة ؛ لقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « ليّ الواجد يحلّ عرضه وعقوبته » ، والحبس عقوبة ، فإن لم يؤدّ وكان له مال ظاهر باعه الحاكم عليه ؛ لما روي « أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم باع على معاذ ماله وقضى ديونه » . وكذلك روي أنّ عمر رضي الله تعالى عنه باع مال أسيفع وقسمه بين غرمائه .
34 - وإن كان للمدين مال ولكنّه لا يفي بديونه وطلب الغرماء الحجر عليه لزم القاضي إجابتهم ، وله منعه من التّصرّف حتّى لا يضرّ بالغرماء ، ويبيع ماله إن امتنع هو عن بيعها ، ويقسمها بين الغرماء بالحصص . وهذا عند الشّافعيّة والحنابلة والمالكيّة وأبي يوسف ومحمّد ، وخالف أبو حنيفة فقال : لا يحجر على المدين ، لأنّ الحجر فيه إهدار لآدميّته ، وإنّما يحبسه القاضي إذا كان له مال حتّى يبيع ويوفّي دينه ، إلاّ إن كان ماله دراهم أو دنانير ، والدّين مثله ، فإنّ القاضي يقضي الدّين منه بغير أمره ؛ لأنّ ربّ الدّين له أخذه بغير أمره فالقاضي يعينه عليه .
35 - وإن كان المدين معسراً وثبت ذلك خلّى سبيله ، ووجب إنظاره ؛ لقول اللّه تعالى : { وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة } .
36 - والمدين المعسر يجب عليه التّكسّب لوفاء ما عليه ، ولكنّه لا يجبر على التّكسّب ولا على قبول الهدايا والصّدقات ، لكن ما يجدّ له من مال من كسبه فإنّ حقّ الغرماء يتعلّق به .
37 - والغارم إن استدان لنفسه في غير معصية يؤدّي دينه من الزّكاة ؛ لأنّه من مصارفها .
38 - هذا بالنّسبة للحيّ ، أمّا من مات وعليه دين فإنّ الدّين يتعلّق بالتّركة ، ويجب الأداء منها قبل تنفيذ الوصايا وأخذ الورثة نصيبهم ؛ لأنّ الدّين مستحقّ عليه ؛ ولأنّ فراغ ذمّته من أهمّ حوائجه ، وقد قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « الدّين حائل بينه وبين الجنّة » وأداء الفرض أولى من التّبرّعات ، وقد قدّمه اللّه تعالى على القسمة في قوله تعالى : { من بعد وصيّة يوصي بها أو دين } . فتجب المبادرة بأداء دينه تعجيلاً للخير لحديث : « نفس المؤمن معلّقة بدينه حتّى يقضى عنه » . وما مرّ إنّما هو بالنّسبة لديون الآدميّ . أمّا ديون اللّه تعالى كالزّكاة والكفّارات والنّذور فقد سبق بيانه . ( ف / 14 ، 16 )
أداء القراءة معنى الأداء في القراءة
39 - الأداء عند القرّاء يطلق على أخذ القرآن عن المشايخ . والفرق بينه وبين التّلاوة والقراءة ، أنّ التّلاوة هي قراءة القرآن متتابعاً كالأوراد والأحزاب ، والأداء هو الأخذ عن المشايخ ، والقراءة تطلق على الأداء والتّلاوة فهي أعمّ منهما . والأداء الحسن في القراءة هو تصحيح الألفاظ وإقامة الحروف على الصّفة المتلقّاة من أئمّة القراءة المتّصلة بالرّسول ( صلى الله عليه وسلم ) الّتي لا تجوز مخالفتها ، ولا العدول عنها إلى غيرها ، ولذلك فإنّ من اللّحن الخفيّ ما يختصّ بمعرفته علماء القراءة وأئمّة الأداء الّذين تلقّوا من أقوال العلماء ، وضبطوا عن ألفاظ أهل الأداء الّذين ترتضى تلاوتهم ، ويوثق بعربيّتهم ، ولم يخرجوا عن القواعد الصّحيحة فأعطوا كلّ حرف حقّه من التّجويد والإتقان . حكم حسن الأداء في القراءة :
40 - قال الشّيخ الإمام أبو عبد اللّه بن نصر عليّ بن محمّد الشّيرازيّ في كتابه ( الموضّح في وجوه القراءات ) : إنّ حسن الأداء فرض في القراءة ، ويجب على القارئ أن يتلو القرآن حقّ تلاوته صيانةً للقرآن عن أن يجد اللّحن والتّغيير إليه سبيلاً . وقد اختلف العلماء في الحالات الّتي يجب فيها حسن الأداء ، فذهب بعضهم إلى أنّ ذلك مقصور على ما يلزم المكلّف قراءته في المفترضات ، فإنّ تجويد اللّفظ وتقويم الحروف واجب فيه فحسب . وذهب آخرون إلى أنّ ذلك واجب على كلّ من قرأ شيئاً من القرآن كيفما كان ، لأنّه لا رخصة في تغيير النّطق بالقرآن واتّخاذ اللّحن إليه سبيلاً إلاّ عند الضّرورة وقد قال اللّه تعالى : { قرآناً عربيّاً غير ذي عوج } وينظر التّفصيل في مصطلحي " تجويد ، تلاوة » .
==================
أذان
التّعريف
1 - الأذان لغةً : الإعلام ، قال اللّه تعالى : { وأذّن في النّاس بالحجّ } أي أعلمهم به وشرعاً : الإعلام بوقت الصّلاة المفروضة ، بألفاظ معلومة مأثورة ، على صفة مخصوصة . أو الإعلام باقترابه بالنّسبة للفجر فقط عند بعض الفقهاء .
( الألفاظ ذات الصّلة ) : أ - الدّعوة - النّداء :
2 - كلا اللّفظين يتّفق مع الأذان في المعنى العامّ وهو النّداء والدّعاء وطلب الإقبال .
ب - الإقامة :
3 - للإقامة في اللّغة معان عدّة ، منها الاستقرار ، والإظهار ، والنّداء وإقامة القاعد . وهي في الشّرع : إعلام بالقيام إلى الصّلاة بألفاظ معلومة مأثورة على صفة مخصوصة .
ج - التّثويب :
4 - التّثويب في اللّغة : الرّجوع ، وهو في الأذان : العود إلى الإعلام بعد الإعلام ، وهو زيادة عبارة : ( الصّلاة خير من النّوم ) مرّتين بعد الحيعلتين في أذان الصّبح عند جميع الفقهاء ، أو زيادة عبارة ( حيّ على الصّلاة حيّ على الفلاح ) بين الأذان والإقامة ، كما يقول الحنفيّة . صفته ( حكمه التّكليفيّ ) :
5 - اتّفق الفقهاء على أنّ الأذان من خصائص الإسلام وشعائره الظّاهرة ، وأنّه لو اتّفق أهل بلد على تركه قوتلوا ، ولكنّهم اختلفوا في حكمه ، فقيل : إنّه فرض كفاية ، وهو الصّحيح عند كلّ من الحنابلة في الحضر والمالكيّة على أهل المصر ، واستظهره بعض المالكيّة في مساجد الجماعات ، وهو رأي للشّافعيّة ورواية عن الإمام أحمد . كذلك نقل عن بعض الحنفيّة أنّه واجب على الكفاية ، بناءً على اصطلاحهم في الواجب . واستدلّ القائلون بذلك بقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « إذا حضرت الصّلاة فليؤذّن لكم أحدكم وليؤمّكم أكبركم » ، والأمر هنا يقتضي الوجوب على الكفاية ؛ ولأنّه من شعائر الإسلام الظّاهرة ، فكان فرض كفاية كالجهاد وقيل : إنّه سنّة مؤكّدة وهو الرّاجح عند الحنفيّة ، والأصحّ عند الشّافعيّة وبه قال بعض المالكيّة للجماعة الّتي تنتظر آخرين ليشاركوهم في الصّلاة ، وفي السّفر على الصّحيح عند الحنابلة ، ومطلقاً في رواية عن الإمام أحمد ، وهي الّتي مشى عليها الخرقيّ . واستدلّ القائلون بذلك بقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم للأعرابيّ المسيء صلاته : افعل كذا وكذا ولم يذكر الأذان مع أنّه صلى الله عليه وسلم ذكر الوضوء واستقبال القبلة وأركان الصّلاة . وعلى كلا الرّأيين لو أنّ قوماً صلّوا بغير أذان صحّت صلاتهم وأثموا ، لمخالفتهم السّنّة وأمر النّبيّ صلى الله عليه وسلم . وقيل هو فرض كفاية في الجمعة دون غيرها وهو رأي للشّافعيّة والحنابلة ؛ لأنّه دعاء للجماعة ، والجماعة واجبة في الجمعة ، سنّة في غيرها عند الجمهور .
بدء مشروعيّة الأذان :
6 - شرع الأذان بالمدينة في السّنة الأولى من الهجرة على الأصحّ ؛ للأحاديث الصّحيحة الواردة في ذلك ، ومنها ما رواه مسلم عن عبد اللّه بن عمر أنّه قال : « كان المسلمون حين قدموا المدينة يجتمعون فيتحيّنون الصّلاة وليس ينادي بها أحد فتكلّموا يوماً في ذلك ، فقال بعضهم : اتّخذوا ناقوساً مثل ناقوس النّصارى ، وقال بعضهم : قرناً مثل قرن اليهود ، فقال عمر رضي الله عنه : أولا تبعثون رجلاً ينادي بالصّلاة ، فقال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : يا بلال قم فناد بالصّلاة » ، « ثمّ جاءت رؤيا عبد اللّه بن زيد قال : لمّا أمر رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بالنّاقوس ليعمل حتّى يضرب به ليجتمع النّاس للصّلاة طاف بي وأنا نائم رجل يحمل ناقوساً ، فقلت له : يا عبد اللّه أتبيع النّاقوس ؟ فقال : ما تصنع به ؟ قلت : ندعو به للصّلاة ، فقال : ألا أدلّك على ما هو خير من ذلك ؟ ، قلت : بلى ، قال : تقول : اللّه أكبر اللّه أكبر ، فذكر الأذان والإقامة ، فلمّا أصبحت أتيت النّبيّ صلى الله عليه وسلم فأخبرته بما رأيت ، فقال : إنّها لرؤيا حقّ إن شاء اللّه ، فقم مع بلال فألق عليه ما رأيت فليؤذّن به » . وقيل : إنّ الأذان شرع في السّنة الثّانية من الهجرة . وقيل : إنّه شرع بمكّة قبل الهجرة ، وهو بعيد لمعارضته الأحاديث الصّحيحة . وقد اتّفقت الأمّة الإسلاميّة على مشروعيّة الأذان ، والعمل به جار منذ عهد رسول اللّه صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا بلا خلاف .
حكمة مشروعيّة الأذان :
7 - شرع الأذان للإعلام بدخول وقت الصّلاة ، وإعلاء اسم اللّه بالتّكبير ، وإظهار شرعه ورفعة رسوله ، ونداء النّاس إلى الفلاح والنّجاح . فضل الأذان :
8 - الأذان من خير الأعمال الّتي تقرّب إلى اللّه تعالى ، وفيه فضل كثير وأجر عظيم ، وقد وردت في فضله أحاديث كثيرة ، منها ما رواه أبو هريرة عن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أنّه قال : « لو يعلم النّاس ما في النّداء والصّفّ الأوّل ثمّ لم يجدوا إلاّ أن يستهموا عليه لاستهموا » . وقوله صلى الله عليه وسلم : « المؤذّنون أطول النّاس أعناقاً يوم القيامة » . وقد فضّله بعض فقهاء الحنابلة والمالكيّة والشّافعيّة على الإمامة للأخبار الّتي وردت فيه قالوا : ولم يتولّه النّبيّ صلى الله عليه وسلم ولا خلفاؤه لضيق وقتهم ، ولهذا قال عمر بن الخطّاب : لولا الخلافة لأذّنت .
9 - ونظراً لما فيه من فضل ودعوة الرّسول صلى الله عليه وسلم إلى الإقبال عليه فقد ذكر الفقهاء أنّه إذا تشاحّ أكثر من واحد على الأذان قدّم من توافرت فيه شرائط الأذان ، فإن تساووا أقرع بينهم ، كما ورد في الحديث السّابق . وقد تشاحّ النّاس في الأذان يوم القادسيّة فأقرع بينهم سعد .
ألفاظ الأذان :
10 - ألفاظ الأذان الّتي وردت في حديث عبد اللّه بن زيد في رؤياه الّتي قصّها على النّبيّ صلى الله عليه وسلم هي الّتي أخذ بها الحنفيّة والحنابلة وهي : اللّه أكبر اللّه أكبر ، اللّه أكبر اللّه أكبر ، أشهد أن لا إله إلاّ اللّه ، أشهد أن لا إله إلاّ اللّه ، أشهد أنّ محمّداً رسول اللّه ، أشهد أنّ محمّداً رسول اللّه ، حيّ على الصّلاة ، حيّ على الصّلاة ، حيّ على الفلاح ، حيّ على الفلاح اللّه أكبر اللّه أكبر ، لا إله إلاّ اللّه . هكذا حكى عبد اللّه بن زيد أذان ( الملك ) النّازل من السّماء ، ووافقه عمر وجماعة من الصّحابة ، فقال له رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : فقم مع بلال فألق عليه ما رأيت ، فليؤذّن به فإنّه أندى صوتاً منك " وأخذ الشّافعيّة بحديث أبي محذورة ، وهو بنفس الألفاظ الّتي وردت في حديث عبد اللّه بن زيد ، مع زيادة التّرجيع . وذهب المالكيّة وأبو يوسف ومحمّد بن الحسن من الحنفيّة إلى أنّ التّكبير في أوّل الأذان مرّتان فقط مثل آخره وليس أربعاً ؛ لأنّه عمل السّلف بالمدينة ، ولرواية أخرى عن عبد اللّه بن زيد فيها التّكبير في أوّل الأذان مرّتين فقط .
التّرجيع في الأذان :
11 - التّرجيع هو أن يخفض المؤذّن صوته بالشّهادتين مع إسماعه الحاضرين ، ثمّ يعود فيرفع صوته بهما . وهو مكروه تنزيهاً في الرّاجح عند الحنفيّة ؛ لأنّ بلالاً لم يكن يرجّع في أذانه ، ولأنّه ليس في أذان الملك النّازل من السّماء . وهو سنّة عند المالكيّة وفي الصّحيح عند الشّافعيّة ؛ لوروده في حديث أبي محذورة ، وهي الصّفة الّتي علّمها له النّبيّ صلى الله عليه وسلم ، وعليها السّلف والخلف . وقال الحنابلة : إنّه مباح ولا يكره الإتيان به لوروده في حديث أبي محذورة . وبهذا أيضاً قال بعض الحنفيّة والثّوريّ وإسحاق ، وقال القاضي حسين من الشّافعيّة : إنّه ركن في الأذان .
التّثويب :
12 - التّثويب هو أن يزيد المؤذّن عبارة ( الصّلاة خير من النّوم ) مرّتين بعد الحيعلتين في أذان الفجر ، أو بعد الأذان كما يقول بعض الحنفيّة ، وهو سنّة عند جميع الفقهاء ، « لقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم لأبي محذورة : فإذا كان صلاة الصّبح قلت : الصّلاة خير من النّوم ، الصّلاة خير من النّوم » ، كذلك « لمّا أتى بلال رضي الله عنه النّبيّ صلى الله عليه وسلم يؤذنه بالصّبح فوجده راقداً فقال : الصّلاة خير من النّوم مرّتين ، فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم : ما أحسن هذا يا بلال ، اجعله في أذانك » . وخصّ التّثويب بالصّبح لما يعرض للنّائم من التّكاسل بسبب النّوم . وأجاز بعض الحنفيّة وبعض الشّافعيّة التّثويب في الصّبح والعشاء ؛ لأنّ العشاء وقت غفلة ونوم كالفجر وأجازه بعض الشّافعيّة في جميع الأوقات ؛ لفرط الغفلة على النّاس في زماننا ، وهو مكروه في غير الفجر عند المالكيّة والحنابلة ، وهو المذهب عند الحنفيّة والشّافعيّة ، وذلك لما روي عن بلال أنّه قال : « أمرني رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أن أثوّب في الفجر ونهاني أن أثوّب في العشاء » . ودخل ابن عمر مسجداً يصلّي فيه فسمع رجلاً يثوّب في أذان الظّهر فخرج ، فقيل له : أين ؟ فقال : أخرجتني البدعة . هذا هو التّثويب الوارد في السّنّة .
13 - وقد استحدث علماء الكوفة من الحنفيّة بعد عهد الصّحابة تثويباً آخر ، وهو زيادة الحيعلتين أي عبارة " حيّ على الصّلاة ، حيّ على الفلاح " مرّتين بين الأذان والإقامة في الفجر ، واستحسنه متقدّمو الحنفيّة في الفجر فقط ، وكره عندهم في غيره ، والمتأخّرون منهم استحسنوه في الصّلوات كلّها - إلاّ في المغرب لضيق الوقت - وذلك لظهور التّواني في الأمور الدّينيّة وقالوا : إنّ التّثويب بين الأذان والإقامة في الصّلوات يكون بحسب ما يتعارفه أهل كلّ بلد ، بالتّنحنح ، أو الصّلاة ، الصّلاة ، أو غير ذلك . كذلك استحدث أبو يوسف جواز التّثويب ؛ لتنبيه كلّ من يشتغل بأمور المسلمين ومصالحهم ، كالإمام والقاضي ونحوهما ، فيقول المؤذّن بعد الأذان : السّلام عليك أيّها الأمير ، حيّ على الصّلاة ، حيّ على الفلاح ، الصّلاة يرحمك اللّه وشارك أبا يوسف في هذا الشّافعيّة وبعض المالكيّة ، وكذلك الحنابلة إن لم يكن الإمام ونحوه قد سمع الأذان ، واستبعده محمّد بن الحسن ؛ لأنّ النّاس سواسية في أمر الجماعة وشاركه في ذلك بعض المالكيّة .
14 - وأمّا ما يقوم به بعض المؤذّنين من التّسبيح والدّعاء والذّكر في آخر اللّيل فقد اعتبره بعض فقهاء المالكيّة بدعةً حسنةً ، وقال عنه الحنابلة : إنّه من البدع المكروهة ، ولا يلزم فعله ولو شرطه الواقف لمخالفته السّنّة .
الصّلاة على النّبيّ صلى الله عليه وسلم بعد الأذان :
15 - يرى الشّافعيّة والحنابلة أنّ الصّلاة على النّبيّ صلى الله عليه وسلم من المؤذّن بعد الأذان سنّة ، وعندهم يسنّ للمؤذّن متابعة قوله سرّاً مثله كالمستمع ليجمع بين أداء الأذان والمتابعة ، وروي عن الإمام أحمد أنّه كان إذا أذّن فقال كلمةً من الأذان قال مثلها سرّاً ؛ ليكون ما يظهره أذاناً ودعاءً إلى الصّلاة ، وما يسرّه ذكراً للّه تعالى فيكون بمنزلة من سمع الأذان . بذلك يمكن أن يشمل المؤذّن الأمر الوارد في قول النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « إذا سمعتم المؤذّن فقولوا مثل ما يقول ، ثمّ صلّوا عليّ فإنّه من صلّى عليّ صلاةً صلّى اللّه عليه بها عشراً ، ثمّ سلوا اللّه لي الوسيلة فإنّها منزلة في الجنّة لا ينبغي أن تكون إلاّ لعبد من عباد اللّه وأرجو أن أكون أنا هو ، فمن سأل اللّه لي الوسيلة حلّت عليه الشّفاعة » . واعتبره الحنفيّة والمالكيّة بدعةً حسنةً وقد ذكر الشّيخ أحمد البشبيشيّ في رسالته المسمّاة بالتّحفة السّنّيّة في أجوبة الأسئلة المرضيّة أنّ أوّل ما زيدت الصّلاة والسّلام على النّبيّ صلى الله عليه وسلم بعد كلّ أذان على المنارة زمن السّلطان المنصور حاجي بن الأشرف شعبان وذلك في شعبان سنة 791 هـ وكان قد حدث قبل ذلك في أيّام السّلطان يوسف صلاح الدّين بن أيّوب أن يقال قبل أذان الفجر في كلّ ليلة بمصر والشّام : السّلام عليك يا رسول اللّه واستمرّ ذلك إلى سنة 777 هـ فزيد فيه بأمر المحتسب صلاح الدّين البرلّسيّ أن يقال : الصّلاة والسّلام عليك يا رسول اللّه ثمّ جعل ذلك عقب كلّ أذان سنة ( 791 ) هـ .
النّداء بالصّلاة في المنازل :
16 - يجوز للمؤذّن أن يقول عند شدّة المطر أو الرّيح أو البرد : ألا صلّوا في رحالكم ، ويكون ذلك بعد الأذان ، وقد روي أنّ ابن عمر أذّن بالصّلاة في ليلة ذات برد وريح ، ثمّ قال : ألا صلّوا في الرّحال ، ثمّ قال : « إنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم كان يأمر المؤذّن إذا كانت ليلة ذات برد ومطر أن يقول : ألا صلّوا في الرّحال » ، وروي أيضاً أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال : « إذا ابتلّت النّعال فالصّلاة في الرّحال » .
شرائط الأذان
يشترط في الأذان للصّلاة ما يأتي : دخول وقت الصّلاة :
17 - دخول وقت الصّلاة المفروضة شرط للأذان ، فلا يصحّ الأذان قبل دخول الوقت - إلاّ في الأذان لصلاة الفجر على ما سيأتي - لأنّ الأذان شرع للإعلام بدخول الوقت ، فإذا قدّم على الوقت لم يكن له فائدة ، وإذا أذّن المؤذّن قبل الوقت أعاد الأذان بعد دخول الوقت ، إلاّ إذا صلّى النّاس في الوقت وكان الأذان قبله فلا يعاد . وقد روي « أنّ بلالاً أذّن قبل طلوع الفجر فأمره النّبيّ صلى الله عليه وسلم أن يرجع فينادي : ألا إنّ العبد قد نام ، فرجع فنادى : ألا إنّ العبد قد نام » . والمستحبّ إذا دخل الوقت أن يؤذّن في أوّله ، ليعلم النّاس فيأخذوا أهبتهم للصّلاة ، وكان بلال لا يؤخّر الأذان عن أوّل الوقت أمّا بالنّسبة للفجر فذهب مالك والشّافعيّ وأحمد وأبو يوسف من الحنفيّة إلى أنّه يجوز الأذان للفجر قبل الوقت ، في النّصف الأخير من اللّيل عند الشّافعيّة والحنابلة وأبي يوسف ، وفي السّدس الأخير عند المالكيّة . ويسنّ الأذان ثانياً عند دخول الوقت لقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « إنّ بلالاً يؤذّن بليل فكلوا واشربوا حتّى يؤذّن ابن أمّ مكتوم » . وعند الحنفيّة - غير أبي يوسف - لا يجوز الأذان لصلاة الفجر إلاّ عند دخول الوقت ، ولا فرق بينها وبين غيرها من الصّلوات ؛ لما روى شدّاد مولى عياض بن عامر أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال لبلال : « لا تؤذّن حتّى يستبين لك الفجر » .
18 - وأمّا الجمعة فمثل باقي الصّلوات لا يجوز الأذان لها قبل دخول الوقت ، وللجمعة أذانان ، أوّلهما عند دخول الوقت ، وهو الّذي يؤتى به من خارج المسجد - على المئذنة ونحوها - وقد أمر به سيّدنا عثمان رضي الله عنه حين كثر النّاس . والثّاني وهو الّذي يؤتى به إذا صعد الإمام على المنبر ، ويكون داخل المسجد بين يدي الخطيب ، وهذا هو الّذي كان في عهد النّبيّ صلى الله عليه وسلم وعهد أبي بكر وعمر حتّى أحدث عثمان الأذان الثّاني . وكلا الأذانين مشروع إلاّ ما روي عن الشّافعيّ من أنّه استحبّ أن يكون للجمعة أذان واحد عند المنبر . هذا وقد اختلف الفقهاء فيما يتعلّق بأذاني الجمعة من أحكام وأيّهما المعتبر في تحريم البيع ( ر : بيع ، وصلاة الجمعة ) .
النّيّة في الأذان :
19 - نيّة الأذان شرط لصحّته عند المالكيّة والحنابلة لحديث : « إنّما الأعمال بالنّيّات » ، ولذلك لو أخذ شخص في ذكر اللّه بالتّكبير ثمّ بدا له عقب ما كبّر أن يؤذّن فإنّه يبتدئ الأذان من أوّله ، ولا يبني على ما قال . والنّيّة ليست شرطاً عند الشّافعيّة على الأرجح ولكنّها مندوبة ، إلاّ أنّه يشترط عندهم عدم الصّارف فلو قصد تعليم غيره لم يعتدّ به . أمّا الحنفيّة فلا تشترط عندهم النّيّة لصحّة الأذان وإن كانت شرطاً للثّواب عليه .
أداء الأذان باللّغة العربيّة :
20 - اشترط الحنفيّة والحنابلة كون الأذان باللّفظ العربيّ على الصّحيح ولا يصحّ الإتيان به بأيّ لغة أخرى ولو علم أنّه أذان . أمّا الشّافعيّة فعندهم إن كان يؤذّن لجماعة وفيهم من يحسن العربيّة لم يجز الأذان بغيرها ، ويجزئ إن لم يوجد من يحسنها ، وإن كان يؤذّن لنفسه فإن كان يحسن العربيّة لا يجزئه الأذان بغيرها وإن كان لا يحسنها أجزأه . ولم يظهر للمالكيّة نصّ في هذه المسألة .
خلوّ الأذان من اللّحن :
21 - اللّحن الّذي يغيّر المعنى في الأذان كمدّ همزة اللّه أكبر أو بائه يبطل الأذان ، فإن لم يغيّر المعنى فهو مكروه وهذا عند الجمهور ، وهو مكروه عند الحنفيّة قال ابن عابدين : اللّحن الّذي يغيّر الكلمات لا يحلّ فعله .
التّرتيب بين كلمات الأذان :
22 - يقصد بالتّرتيب أن يأتي المؤذّن بكلمات الأذان على نفس النّظم والتّرتيب الوارد في السّنّة دون تقديم أو تأخير لكلمة أو جملة على الأخرى ، ومذهب الجمهور أنّ التّرتيب عندهم واجب فإن فعل المؤذّن ذلك استأنف الأذان من أوّله ؛ لأنّ ترك التّرتيب يخلّ بالإعلام المقصود ، ولأنّه ذكر يعتدّ به فلا يجوز الإخلال بنظمه ، وقيل : إنّه يجوز أن يبني على المنتظم منه ، فلو قدّم الشّهادة بالرّسالة على الشّهادة بالتّوحيد أعاد الشّهادة بالرّسالة ، وإن كان الاستئناف أولى . أمّا الحنفيّة فعندهم التّرتيب سنّة ، فلو قدّم في الأذان جملةً على الأخرى أعاد ما قدّم فقط ولا يستأنفه من أوّله .
الموالاة بين ألفاظ الأذان :
23 - الموالاة في الأذان هي المتابعة بين ألفاظه بدون فصل بقول أو فعل ، ومن الفصل بين ألفاظه ما يحدث دون إرادة كالإغماء أو الرّعاف أو الجنون . والفصل بين كلمات الأذان بأيّ شيء كسكوت أو نوم أو كلام أو إغماء أو غيره ، إن كان يسيراً فلا يبطل الأذان ويبني على ما مضى ، وهذا عند الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة ، أمّا عند الشّافعيّة فيسنّ استئناف الأذان في غير السّكوت والكلام . هذا مع اتّفاق الفقهاء على كراهة الكلام اليسير إن كان لغير سبب أو ضرورة . أمّا إذا طال الفصل بين كلمات الأذان بكلام كثير ، ولو مضطرّاً إليه كإنقاذ أعمى ، أو نوم طويل أو إغماء أو جنون فيبطل الأذان ويجب استئنافه ، وهذا عند الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة وهو طريقة الخراسانيّين من الشّافعيّة ، قال الرّافعيّ : والأشبه وجوب الاستئناف عند طول الفصل ، وقطع العراقيّون من الشّافعيّة بعدم البطلان مع استحباب الاستئناف . وألحق الحنابلة بحالات بطلان الأذان ووجوب استئنافه الفصل بالكلام اليسير الفاحش كالشّتم والقذف .
رفع الصّوت بالأذان :
24 - أوجب الشّافعيّة والحنابلة رفع الصّوت بالأذان ؛ ليحصل السّماع المقصود للأذان ، وهو كذلك رأي للحنفيّة ، وهذا إذا كان الغرض إعلام غير الحاضرين بصلاة الجماعة ، أمّا من يؤذّن لنفسه أو لحاضر معه فلا يشترط رفع الصّوت به إلاّ بقدر ما يسمع نفسه أو يسمعه الحاضر معه ، وقد قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم لأبي سعيد الخدريّ « إنّي أراك تحبّ الغنم والبادية ، فإذا كنت في غنمك وباديتك فأذّنت بالصّلاة فارفع صوتك بالنّداء ، فإنّه لا يسمع مدى صوت المؤذّن جنّ ولا إنس إلاّ شهد له يوم القيامة » وهو سنّة عند المالكيّة وهو الرّاجح عند الحنفيّة ، فإنّ « النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال لعبد اللّه بن زيد : علّمه بلالاً فإنّه أندى وأمدّ صوتاً منك » .
25 - هذا وقد اتّفق الفقهاء على أنّه لا ينبغي أن يجهد المؤذّن نفسه بما فوق طاقته مبالغةً في رفع صوته بالأذان خشية حدوث بعض الأمراض له .
26 - ولكي يكون الأذان مسموعاً ومحقّقاً للغرض منه استحبّ الفقهاء أن يكون الأذان من فوق مكان مرتفع يساعد على انتشار الصّوت بحيث يسمعه أكبر عدد ممكن من النّاس كالمئذنة ونحوها .
سنن الأذان استقبال القبلة :
27 - يسنّ استقبال القبلة حال الأذان ، وهو مذهب الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة ، وهو الرّاجح عند المالكيّة ، ولو ترك الاستقبال يجزئه ويكره ، لتركه السّنّة المتواترة ؛ لأنّ مؤذّني النّبيّ صلى الله عليه وسلم كانوا يؤذّنون مستقبلي القبلة ، وجاز عند بعض كلّ من المالكيّة والحنابلة الدّوران حال الأذان إذا كان ذلك أسمع لصوته ، لأنّ المقصود هو الإعلام ، وعند الحنفيّة وبعض المالكيّة إذا لم يتمّ الإعلام بتحويل وجهه عند الحيعلتين فقط مع ثبات قدميه فإنّه يستدير بجسمه في المئذنة . وعند الحيعلتين أي قوله ( حيّ على الصّلاة ، حيّ على الفلاح ) يسنّ أن يلتفت المؤذّن فيحوّل وجهه - فقط دون استدارة جسمه - يميناً ويقول : حيّ على الصّلاة مرّتين ، ثمّ يحوّل وجهه شمالاً وهو يقول : حيّ على الفلاح مرّتين ، هكذا كان أذان بلال وبهذا قال الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة وبعض المالكيّة .
التّرسّل أو التّرتيل :
28 - التّرسّل هو التّمهّل والتّأنّي ، ويكون بسكتة - تسع الإجابة - بين كلّ جملتين من جمل الأذان ، على أن يجمع بين كلّ تكبيرتين بصوت ويفرد باقي كلماته ؛ للأمر بذلك في قول النّبيّ صلى الله عليه وسلم : « إذا أذّنت فترسّل » ، ولأنّ المقصود من الأذان هو إعلام الغائبين بدخول وقت الصّلاة ، والتّرسّل أبلغ في ذلك من الإسراع وقد لخصّ ابن عابدين ما في مسألة حركة راء التّكبيرات فقال " الحاصل أنّ التّكبيرة الثّانية في الأذان ساكنة الرّاء للوقف حقيقةً ورفعها خطأ ، وأمّا التّكبيرة الأولى من كلّ تكبيرتين منه وجميع تكبيرات الإقامة فقيل محرّكة الرّاء بالفتحة على نيّة الوقف ، وقيل بالضّمّة إعراباً ، وقيل ساكنة بلا حركة على ما هو ظاهر كلام الأمداد والزّيلعيّ والبدائع وجماعة من الشّافعيّة ، والّذي يظهر الإعراب لما ذكره عن الطّلبة ، ولما في الأحاديث المشتهرة للجراحيّ أنّه سئل السّيوطيّ عن هذا الحديث فقال هو غير ثابت كما قال الحافظ ابن حجر ، وإنّما هو من قول إبراهيم النّخعيّ ، ومعناه كما قال جماعة منهم الرّافعيّ وابن الأثير أنّه لا يمدّ . وإطلاق الجزم على حذف الحركة الإعرابيّة لم يكن معهوداً في الصّدر الأوّل ، وإنّما هو اصطلاح حادث فلا يصحّ الحمل عليه » .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://mazika28.ahlamontada.com
 
موسوعة فقه العبادات
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتــــــــــــدى العـــــــــــــلم و المعـــــــــــــرفة  :: منتدى المكتبة الاسلامية-
انتقل الى: