كيف تحقق المرأة المسلمة العدل في واقع حياتها بإذن الله تعالى ؟
ينبغي في تربية المرأة المسلمة المعاصرة الاهتمام بتوجيهها الى أهمية العدل والاحسان ، وكيفية تطبيقها في واقع حياتها ، وذلك من خلال تعريفها بالله ، بحيث تتمكن معرفتها به من نفسها بما يجعلها تستشعر معيته في كل وقت ، مما يدفعها الى التحقق من تلك المعرفة بمعاني التقوى والخوف والخشية والخشوع وغيرها من المعاني التي تشكل لديها دافعاً ذاتياً الى الالتزام بالعدل والاحسان فيما عليها من مسؤوليات . ويتضمن ذلك الاهتمام بتهذيب استجاباتها الانفعالية بما يرضي الله سبحانه وتعالى الذي قول : (والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسني ) [آل عمران، الآية: 172] . فالأستجابات الانفعالية للمرأة المسلمة المعاصرة ينبغي أن تتوجه نحو الله لاتخاف الأ منه ولاتخشى أحداً غيره ، وتصبر على مايصيبها من ابتلاءات ، وتعمد الى الحلم عند الغضب وهكذا .
ويمكن ترغيب المرأة المسلمة المعاصرة في الالتزام بالعدل والاحسان ، من خلال تعريفها بالنتائج المتربة على ذلك من شعور بالأمن والاستقرار النفسي ، والحصول على رضى الله وعونه ، والتغلب على أهواء النفس ، والسلامة من الامراض النفسية .هذا على مستوى الشخصي .
أما على المستوى الاجتماعي فإن العدل والأحسان يسهمان في أستقرار المجتمع ووقايته من مظاهر الفوضى .
ويحتاج أدراك المرأة المسلمة المعاصرة لهذه العلاقات وتجسيدها في واقع حياتها الى تلقّ تربوي طويل ، يصاحبه صد للأتجاهات المخربة التي تحقر من هذه العلاقات وتشكك بفائدتها . قال تعالى : ( وقل لعبادى يقولوا التي هي أحسن إن الشيطان ينزع بينهم) [الاسراء، الآية :53] .
ومن اجل ترسيخ هذه العلاقات في واقع حياة المرأة المسلمة المعاصرة ، فأنه ينبغي العمل على اشاعتها في جميع البرامج التربوية المقدمة لها ، وعبر مختلف الانظمة التربوية الرسمية وغير الرسمية .
ويحتاج تثبيت مفهوم العدل والاحسان في النفوس الى تربية على تقوى الله لأنها الكفيلة بتعويدهم على الاحسان في أداء التكاليف المفروضة عليهم . فالله سبحانه وتعالى يقول : ( للذين أحسنوا منهم واتقوا أجرعظيم) [آل عمران، الآية172] .
ونجد الواقع يشير الى أن الكثير من الناس يدركون معاني الاحسان ، لكن القليل منهم هم الذين يطبقونه في واقع حياتهم ، وذلك لأن كلا ً منهم ينتظر الاحسان من الآخرين حتى يبادلهم معاملة بالمثل ، في حين أن الأجر على الاحسان ينتظر من الله وليس من البشر.
فالأمر يحتاج الى تكوين نفسية العطاء لدى المرأة المسلمة ، بحيث توقن بأن " اليد العُليا خير من اليد السفلى" . وأن الله قد رزق الانسان كثيراً من النعم المادية والمعنوية التي لا يتحقق كمال شكره عليها الأ بالاحسان في أستخدامها ، وكذلك كم خلال الانفاق . ويشير الى ذلك قوله تعالى : ( ومما رزقناهم ينفقون) [البقرة ، الآية :3] .
والرزق لا ينحصر في المال فقط ، بل يعم كل أنواع الرزق ، ويأتي حسن الخلق على رأس القائمة ، ثم بعد ذلك تأتي الصحة ، والمال ، والعلم ، والمركز الاجتماعي ، والوقت ، وغير ذلك . وهذا ما يشير اليه قول الرسول (ص) " إنكم لا تسعون الناس بأموالكم ، ولكن يسعهم منكم بسط الوجه وحسن الخلق" . وهناك كثير من النصوص القرآنية والاحاديث النبوية التي تحض على حسن الخلق منها : قوله تعالى : (خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين) [الاعراف ، الآية :199] .
وقوله (ص) " اكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً ، الموطئون أكنافاً ، والذين يألفون ويؤلفون" .
فالكلمة الطيبة ، وحسن الخلق ، والعفو ، وكظم الغيظ ، والحلم وغيرها من الشيم كلها تفيد في علاج النفوس المريضة .
كذلك ينبغي على التربية أن تنتمي لدى المرأة المسلمة المعاصرة قيم التعاون والعمل الجماعي ، والمبادرة ، والمرونة في التفكير ، والقدرة على أتخاذ القرار ، والثقة بالنفس ، والشجاعة والجرأة في الحق ، وحب العمل وغيرها من الصفات التي تمكنها من تحقيق الاحسان في تعاملها مع الاخرين .